محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة القلم

صفحة 487 - الجزء 4

  {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ٧ فَلَا⁣(⁣١) تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ ٨ وَدُّوا لَوْ⁣(⁣٢) تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ⁣(⁣٣) ٩} كانت قريش تدعي أنهم على الهدى وفي سواء الصراط، وأن محمداً وأصحابه ضالون وخارجون عن طريق الحق والهدى، وأنهم قد صبئوا عن دين آبائهم وأجدادهم؛ فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه ÷ أن لا يبالي بهم ولا بما يقولون، وأن يستمر على ما هو عليه، فهو عالم بمن هو على الهدى ودين الحق، ومن هو من أهل الضلال والغواية، وأن لا يطيعهم أو يميل إليهم في شيء من اعتقاداتهم، أو يجاملهم ولو في بعض شيء من ذلك.

  وأخبره أنهم يتمنون لو أنه جاملهم وداهنهم لداهنوه واتبعوه، ولكن الله سبحانه وتعالى يريد أن يكون الدين خالصاً لا يشوبه شيء من اعتقاداتهم وضلالات الشرك والجاهلية، وأن لا يكون فيه شيء من المجاملات أو التغاضي آمن من آمن وكفر من كفر.

  {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ١٠ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ١١ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ


(١) سؤال: ما معنى الفاء هنا؟ وهل لها ضابط في هذا المعنى؟

الجواب: الفاء هي الفصيحة وليس لها ضابط تعرف به وإنما تعرف بالسياق.

(٢) سؤال: ما هو الوجه في كون «لو» في الآية مصدرية؟

الجواب: إذا وردت «لو» بعد «ود» أو «يود» أو بعد ما هو بمعناهما كانت مصدرية.

(٣) سؤال: هل يوجد شيء من التعارض بين النهي عن المداهنة وبين ما أوردتموه في شرح «وإنك لعلى خلق عظيم» من مداراة الناس والإحسان إليهم ونحو ذلك مما ورد في بعض الأدلة؟ أم لا؟

الجواب: ليس هناك تعارض فالمداهنة أن يتنازل المسلم عن شيء من دينه كترك فريضة أو يرضى بمعصية الله كشرب الخمر أو قتل بغير حق من أجل الملاينة للطرف الآخر والمصانعة لهم ليرضوا عنه. أما ما ذكرنا في تفسير الآية {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ٤} فليس من باب المداهنة، فمثلاً الإغضاء عن الهفوات والزلات إنما هو من باب الرفق، فلو أن النبي ÷ باشر بالاستنكار والتبكيت لربما نفروا عنه ولكنه يغضي كأنه لم ير شيئاً، ثم يبين بعد ذلك بياناً عاماً في مواعظه وخطبه بحيث لا يشعر أهل الزلات والهفوات أنهم هم المرادون.