سورة المزمل
  وعلى النبي ÷ من حيث أن الله كلفه أن يبلغ القرآن قريشاً وهم أهل جبروت وقسوة وتكبر.
  {إِنَّ نَاشِئَةَ(١) اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ٦ إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا(٢) طَوِيلًا ٧} وأخبره بأنه قد كلفه الصلاة في ذلك الوقت من الليل لما لها من التأثير والوقع في النفس مما يجعل المصلي أقرب إلى الله سبحانه وتعالى، ولما يلحق النبي ÷ في النهار من المشاغل والنظر في شؤونه وشؤون المسلمين.
  {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ٨ رَبُّ(٣) الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ٩} وانقطع إلى الله سبحانه وتعالى وأكثر من ذكره في ساعات الليل(٤). ومعنى «تَبَتَّلْ»: انقطعْ إلى الله تعالى بالدعاء والتضرع والتقرب والذكر والصلاة، ومعنى «فاتخذه وكيلاً»: فاتخذه رباً تكل إليه أمورك.
(١) سؤال: ما الوجه في حملها على صلاة آخر الليل دون أوله؟
الجواب: ناشئة الليل: هي النفس التي تقوم لصلاة الليل في تلك الأوقات المبينة {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ٣ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ٤}، وقد فسرت ناشئة الليل بأول الليل، ولا مانع من تفسيرها بالوجهين فاللفظ محتمل للأمرين، والليل كله وقت للفرائض والنوافل، وقد صلى رسول الله ÷ صلاة النوافل في أوله وأوسطه وآخره كما روي.
(٢) سؤال: من أين أخذت هذه اللفظة؟ وما هو معناها الدقيق؟
الجواب: «سبحاً» هي مأخوذة من السبح في الماء أي: العوم والغياصة ومعناها: التقلب؛ لأن السابح يتقلب بيديه ورجليه عند السباحة في الماء. ومعناها هنا: أن لك في النهار تقلباً طويلاً في مهامِّك.
(٣) سؤال: فضلاً ما إعراب «رب المشرق»؟ وما الذي يبنى عليه من معنى؟
الجواب: «رب المشرق» خبر لمبتدأ محذوف أي: هو رب المشرق، ويصح أن يكون مبتدأ، وجملة «لا إله إلا هو» في محل رفع خبره، والجملة مستأنفة لبيان السبب والعلة المقتضية لعبادة الله وحده وذكره، والتبتل إليه دون غيره.
(٤) سؤال: من أين نفهم أنه في ساعات الليل؟
الجواب: فهم ذلك من ورود الأمر به في سياق صلاة الليل، أما النهار فقد خرج بقوله: {إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا ٧}.