محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة المزمل

صفحة 540 - الجزء 4

  {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} وأمره الله سبحانه وتعالى أن يصبر على ما يلحقه من قومه من الأذى والتكذيب والسخرية والاستهزاء، وأن لا يؤاخذهم أو يرد عليهم؛ لئلا يتسبب في تنفيرهم عنه وليجلبهم إلى الإسلام.

  {وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ١٠}⁣(⁣١) وابتعد عنهم من دون أن يشعروا بذلك، أو يلمسوا أي عداوة منك لهم.

  {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ⁣(⁣٢) وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا ١١} واترك⁣(⁣٣) لي أولئك المكذبين فما هي إلا مدة قصيرة يتنعمون ويتمتعون بها في الدنيا ثم آخذهم وأعاقبهم وأنتقم لك منهم شر انتقام.

  وأولو النعمة: هم المترفون الذين أنعم الله سبحانه وتعالى عليهم ومتعهم بالغنى والأموال والصحة والعافية والقوة والأمن في الدنيا، ثم كفروا نعمة الله وكذبوا بآياته ورسله.

  {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا ١٢ وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا ١٣} وأخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأنه قد أعد لهم قيوداً من نار في جهنم يسحبون وهم مقيدون على وجوههم في وسط جهنم وناراً غليظة، ولا طعام لهم فيها إلا من شجر الزقوم الذي يغلي في البطون كغلي الحميم وعذاباً أليماً، ومعنى «ذا غُصَّة» ينشب في الحلق ولا يستطاع إساغته.


(١) سؤال: كيف يتم الجمع بين مدلول هذه الآية وقوله تعالى: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}⁣[التحريم: ٩]؟

الجواب: كان هذا في أول الإسلام حين كان الإسلام ضعيفاً، فلما قوي الإسلام وكثر المسلمون أمر الله تعالى بالإغلاظ على المشركين.

(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب «والمكذبين أولي النعمة»؟ وما الفرق بين النَّعمة بفتح النون والنعمة بكسرها؟

الجواب: «والمكذبين» الواو عاطفة، والمكذبين معطوف على مفعول «ذرني» منصوب وعلامة نصبه الياء، «أولي النعمة» صفة للمكذبين منصوبة وعلامة نصبها الياء، «النعمة» مضاف إلى النعمة. والنَّعمة بالفتح: التنعم، وبالكسر: الإنعام، وبالضم: المسرة. اهـ من الكشاف.

(٣) سؤال: يقال: كيف صار المعنى هكذا؟

الجواب: ذرني والمكذبين أي: اتركني والمكذبين ولا تشتغل بهم فأنا أكفيكهم فهذا معنى: «ذرني والمكذبين» وكفى بالله كافياً ونصيراً.