سورة الفاتحة
  هذه اسمها سورة الفاتحة، وسميت الفاتحة لأن الله افتتح كتابه الكريم بها، ولها أسماء عدة، والفاتحة هو المشهور بينها، أو (الحمد لله رب العالمين)، وكذلك (السبع المثاني) في روايات، ولها فضل كبير، وورد فيها آثار، منها: أنها لم تقرأ على مريض إلا شفي، ولا قرأها مكروب إلا فرج الله كربته، ولم يشرعها الله في الصلاة إلا لفضلها الكبير.
  وسميت السبع المثاني لأنه يثنى بها في كل صلاة، وأراد الله أن نذكره بها في كل صلاة دلالة على أنها أحب الذكر إليه.
  وعندما قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ٤١}[الأحزاب]، فمصلي الصلوات الخمس فهو ذاكر لله ذكراً كثيراً؛ فإذا كان محافظاً على الصلوات الخمس - ولو لم يصل النوافل - فهو من الذاكرين الله ذكراً كثيراً والذاكرات.
  فإذا ذكرنا الله بالفاتحة في الصلوات ففيه دلالة على أنها أفضل الذكر، وأفضل القرآن، ودلالة على أن الله يحب الحمد والثناء عليه، وأنه أفضل الذكر.
  قال أمير المؤمنين # ما معناه: (الحمد أرجح ما وزن وأفضل ما خزن) يعني أفضل ما يثقل الميزان يوم القيامة، وأفضل ما يخزنه الإنسان ليوم القيامة.
  فإذا أراد المرء ذكر الله تعالى فليقرآ الفاتحة، وكما قلنا الذكر في الأصل هو ما في القلب من الإحساس بنعم الله وفضله وقدرته و ... ، واللسان ليس إلا مترجماً عما في القلب؛ ولذا قال ÷: «التقوى هاهنا التقوى هاهنا»، فليست في الجوارح، ولا في حركات اللسان، فلا يضاعف الله الحسنات ويعظمها ويباركها إلا عندما تكون صادرة من القلب، فإذا امتلأ القلب من الهيبة لله وتعظيمه ثم اندفع اللسان إلى ذكره كان أعظم عند الله، وحصلت اللذة في ذكره، والأريحية، وكان لها قيمتها ووزنها ومكانتها عند الله، وحصل النشاط في الذكر والاندفاع الزائد.
  فليحاول الإنسان أن يحيي قلبه بتذكر نعم الله عليه في بدنه وفي أهله وأمواله وجميع ما أنعم الله عليه.
  فليتذكر نعمة العينين والأسنان والسمع والشم وما في باطنه؛ من يتولى الرعاية لها؟ ومن يسيرها التسيير الدقيق من دون خلل ولا اختلاف؟ {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ