محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الفاتحة

صفحة 29 - الجزء 1

  لَا تُحْصُوهَا}⁣[إبراهيم: ٣٤]، وإذا ذكرت ذلك زادك الله صحة وعافية، وحفظ لك صحتك وعافيتك: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}⁣[إبراهيم: ٧].

  {وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ٢٠٥}⁣[الأعراف]، الذين أنعم الله عليهم ولا يذكرونه ولا يحمدونه، ويعطيهم فلا يحمدونه ولا يشكرونه.

  وهناك عوالم من النعم فينبغي للمؤمن أن يتفكر كيف يحمد الله عليها، وأنه لا يستطيع أداء الحمد على جميع نعمه، وأنه عاجز عن حمده حق حمده، وهذا هو حمد، ومن أعظم الحمد، وهو الذي يحبه الله؛ لأنه اعتراف له بالعجز عن أداء حقه.

  وساعةٌ في التفكر يقال: إنها أعظم من عبادة عشرين سنة، والفكر يحيي الإيمان في القلب، ويملأه إيماناً، ويزيد في اندفاع الإنسان إلى الطاعة، وهذا هو الذكر الحق والصدق، وهو أحسن وأفضل مما يقرأ في الصحائف مثل صحيفة زين العابدين وأمير المؤمنين، وهو ذكر الله الأكبر (ذكر القلب)، وإن كان ما ينطق به اللسان ذكراً لكن ليس كذكر القلب.

  فينبغي أن لا يهمل المرء نفسه، وأن يجعل هذه من الأمور المهمة العظيمة التي لا يصلح الإيمان إلا بها.

  وقد قيل: إن الإيمان أفضل الأعمال، والمراد به هذا الذي هو حاصل في القلب، وبقاؤه في القلب حياً يحتاج إلى تعب وحراسة وذلك بمعاهدته بالنظر في آيات الله وآيات عظمته وقدرته وآيات رحمته، وما أسبغ الله على الإنسان من نعمه وكثير مننه، ثم النظر في مواعظ الله التي فصلها في كتابه الكريم، والحرص على ملازمة التقوى وسلوك سبيل الهدى، {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ١٧}⁣[محمد].

  وشرع الله الصلوات الخمس للمؤمن لأجل أن تُذَكِّرَهُ بنعم الله عليه، فالكرامة في تقوى الله، والعزة في طاعته.

  * * * * *