سورة عبس
  النبي ÷ حديثه مع أولئك القوم، وسأله مستفسراً عن شيء من أمور دينه، ولكن النبي ÷ أعرض عنه ولم يلتفت إليه، فكرر عليه السؤال مرة ثانية وثالثة والنبي ÷ يعرض عنه، ليستكمل حديثه مع القوم ولم ينتبه ابن أم مكتوم لما هو فيه ÷ مع كبار قريش، فما زال يكرر السؤال حتى ضجر النبي ÷ وظهر على وجهه العبوس؛ فاستنكر الله سبحانه وتعالى على نبيه ÷ فعلته تلك، وتقطيبه وجهه ÷ في وجه الأعمى، وأخبره أن ذلك الأعمى أحق من أولئك القوم، وأنه سيتذكر ويستفيد أكثر مما يتذكر أولئك القوم(١). ومعنى «تصدى»: تتعرض مقبلاً عليه.
  {وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى ٧}(٢) واترك أولئك القوم فليسوا من أهل التزكية والقبول، وأقبل بوجهك إلى الذين ينتفعون بالذكرى.
= في دعوتهم مصلحة، أما ما ذكر في السؤال فليس كذلك.
(١) سؤال: يحاول بعض الناس التشكيك في هذه القصة زعماً منه بأنها تعارض عصمة النبي ÷ فما توجيهكم في ذلك؟
الجواب: ليس في القصة ما ينافي عصمة النبي ÷ فقد كان الرسول ÷ يؤدي رسالة الله إلى قومه يدعوهم إلى الله ويحذرهم ويعظهم وهو في حال جد مقبل إليهم بكل اهتمام، فكان ابن أم مكتوم يعارضه بالسؤال بعد السؤال، فتضجر النبي ÷ من ابن أم مكتوم، وكان ابن أم مكتوم أعمى فلم ير التضجر على وجه النبي ÷ فكرر السؤال وكرر فقطب النبي ÷ وجهه؛ لأنه قاطعه فيما هو فيه من تبليغ رسالة الله والدعوة إلى دينه أي: أنه ÷ تضجر من أجل أن المساءلة تفسد عليه موعظته للقوم، ولم يصدر من النبي ÷ أي كلام يؤذي ابن أم مكتوم، ولعل ابن أم مكتوم لم يدر بتضجر النبي ÷ إلى أن نزل القرآن.
وبعد، فإن هذه القصة القرآنية تعتبر من أمارات نبوته وصدقه؛ إذ لو كان من عند النبي ÷ لما أثبتها في كتابه.
(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب «ألا يزكى» بالتفصيل؟
الجواب: «أن» مصدرية مسبوكة مع «لا يزكى» بمصدر مجرور بـ «في» مقدرة أي: في عدم تزكيته، ويكون الجار والمجرور متعلقاً بما تعلق به «عليك» في: «وما عليك».