سورة الانشقاق
  وكذلك أقسم بالقمر إذا استتم نوره في ليلة النصف؛ ليلفت أنظار عباده إلى التفكر في هذه الآية العظيمة، أقسم الله تعالى لعباده بتلك الآيات؛ لأن من نظر فيها عرف(١) قدرة الله تعالى على بعث الموتى وإحياء العظام.
  ومعنى {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ}: لتلاقن حالة(٢) بعد حالة، من الموت، ورؤية الملائكة، والسؤال والحساب والجزاء.
  {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ(٣) ٢٠ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ ٢١ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ ٢٢ وَاللَّهُ(٤) أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ ٢٣ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٢٤ إِلَّا
(١) سؤال: من أي ناحية يعرف ذلك؟
الجواب: يعرف ذلك بعد النظر والتفكر، وذلك أن العاقل إذا أمعن النظر والتفكر علم أن تلك المخلوقات العظيمة لا بد أنها خلقت لأمر عظيم، وإلا كان خلقها عبثاً باطلاً، وقد أدرك ذلك أولو الألباب الذين ذكرهم الله تعالى في سورة آل عمران في قوله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ١٩٠ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ١٩١ ...} الآيات.
(٢) سؤال: ما هو الوجه في إطلاق الطبق على الحال؟ وبم تعلق الجار والمجرور «عن طبق» وكيف صارت «عن» بمعنى «بعد» هنا؟
الجواب: يطلق الطبق على الحال وهو أحد معانيه كما في مختار الصحاح، و «عن» للمجاوزة، و «عن طبق» صفة لطبق أي مجاوزاً لطبق، ومعنى ذلك: طبقاً بعد طبق، والتفسير قد كان على المعنى، وهكذا فسر المفسرون فإنهم يقولون: حالاً بعد حال وتفسيرهم هو على المعنى.
(٣) سؤال: ما موضع هذه الجملة؟ وما فائدة الإضراب بـ «بل» في قوله: «بل الذين كفروا ..»؟
الجواب: «لا يؤمنون» في محل نصب حال من الضمير المجرور، وفائدة الإضراب بـ «بل» بيان الانتقال من خبر إلى خبر أدل على كفرهم وعنادهم.
(٤) سؤال: هل الواو هذه عاطفة أم حالية؟ وما معنى الفاء في «فبشرهم»؟
الجواب: الواو حالية والفاء فصيحة أي: إن استمروا في تكذيبهم فبشرهم بعذاب أليم.