سورة الانشقاق
  بشمائلهم المربوطة خلف ظهورهم وهنالك سينادون بالويل والثبور لما يرون من سخط الله تعالى وشدة غضبه عليهم، وما أعده لهم من عذاب النار، ثم يسحبون على وجوههم إلى جهنم ليتذوقوا عذابها، وذلك بسبب إعراضهم الشديد عن ذكر الله سبحانه وتعالى، وميلهم إلى متاع الدنيا وغرورها وتقلبهم في نعيمها مسرورين بما هم فيه من ذلك النعيم بين أهليهم وذويهم مكذبين باليوم الآخر غافلين عنه، ظانين أنهم لن يرجعوا ولن يلقوا جزاءً ولا حسابا على ذلك، ولكن بلى سيلقون الجزاء والحساب وذلك أن الله سبحانه وتعالى عليم حكيم، وقد اقتضت حكمته أن يرتب جزاء الآخرة على أعمال الدنيا.
  {فَلَا(١) أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ ١٦ وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ(٢) ١٧ وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ١٨ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ١٩} أقسم الله سبحانه وتعالى بالشفق وهو الحمرة التي تعقب غروب الشمس، وهي آية عظيمة دالة على قدرته؛ ليتفكر عباده في هذه الآية العظيمة، وكذلك أقسم بالليل وما حواه وضمه من الحيوانات المنتشرة بالنهار؛ ليلفت عقول عباده إلى آية الليل هذه وما فيها.
=
الجواب: الوجه في ذلك هو التأكيد لما سبق فهو سبحانه بصير بعباده منذ أن خلقهم وبأعمالهم خيرها وشرها لا تخفى عليه خافية منها وبآجالهم ومقاديرها ثم هو تعالى بصير بحسابهم عالم بأعمالهم يجزي كل عامل بعمله و ... إلخ.
(١) سؤال: ما فائدة دخول الفاء هنا؟ وما الوجه الأنسب في «لا»؟
الجواب: الفاء فصيحة أي: إذا ارتبتم فيما ذكر من انشقاق السماء والبعث والحساب والصحف فلا أقسم والمناسب في «لا» أن تكون صلة وتأكيداً (زائدة).
(٢) سؤال: ما الراجح في نظركم في «ما» في قوله: «وما وسق» هل المصدرية أم الموصولية؟ ومم أخذت لفظة «وسق»؟
الجواب: الراجح هي الموصولية؛ لأن القسم يكون أبلغ لأن الليل يجمع البحار بما فيها من مخلوقات والبراري بما فيها من مخلوقات، والجبال والسماء وما فيها من نجوم وكواكب، و «وسق» مأخوذ من مصدر وسقه يسقه وسقاً إذا جمعه وضمه، ومنه سمي الوسق «مكيال».