محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة البروج

صفحة 620 - الجزء 4

  القيامة أقسم الله سبحانه وتعالى به ليلفت أفكارنا وأنظارنا إلى التفكر فيه. والشاهد: هم الأنبياء، والمشهود: هم أممهم الذين بعثوا إليهم.

  {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ⁣(⁣١) ٤ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ ٥ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ٦ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ ٧}⁣(⁣٢) يعني: لعن أصحاب الأخدود وهم الذين عذبوا المؤمنين بأن أضرموا النار في أخدود كبير بنجران، ثم ألقوا بهم في ذلك الأخدود فاحترقوا، وهم ينظرون إليهم، متلذذين بما يرونه من تحريقهم⁣(⁣٣).


(١) سؤال: إذا كان قوله «قتل أصحاب الأخدود» جواب القسم فما وجه سقوط «اللام» و «قد» منه؟

الجواب: الأولى أن يكون جواب القسم محذوفاً تقديره: إن الجزاء لحق، أو إن الجزاء لواقع على المجرمين؛ لأن قوله: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ٤} جملة دعائية أي إنشائية كما يظهر من استعمال هذا الفعل «قتل ..».

(٢) سؤال: كيف يكون قوله «النار» بدلاً من «الأخدود» في المعنى؟ وما العامل في «إذ» في قوله: «إذ هم عليها قعود»؟ وهل جملة «وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود» معطوفة أم حالية؟

الجواب: «النار» بدل اشتمال من الأخدود الذي اشعلوا فيه النار، والمعنى: قتل أصحاب النار التي أشعلوها في الأخدود ليحرقوا المؤمنين بسعيرها والعامل في «إذ» «قتل ..». وجملة: «وهم على ما يفعلون» معطوفة على: «هم عليها قعود» فهي في محل جر.

(٣) سؤال: هل عرف زمان هذه القصة ووقتها؟ وما الحكمة الدقيقة في إيراد الله لها وتلاوتها على المؤمنين؟

الجواب: وقت القصة كما روي هو في الفترة التي بين زمن رسول الله عيسى بن مريم ~ وبين خاتم النبيين والمرسلين ÷. والحكمة في إيراد الله تعالى لها في القرآن الكريم هي - والله أعلم - تثبيت المؤمنين والشد من عزائمهم ومن قوة صبرهم على ما يلحقهم من أذى المشركين وتذكيرهم بما كان يجري على من كان قبلهم من المؤمنين من التعذيب والأذى وكيف كان صبرهم وثباتهم، فإن المؤمنين إذا سمعوا ذلك هان عليهم ما بهم من أذى المشركين وغيرهم - فالمصائب إذا عمت هانت -، واشتدت عزائمهم وقوي صبرهم، وحل الأنس بقلوبهم.