محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة البروج

صفحة 621 - الجزء 4

  {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ٨ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ٩}⁣(⁣١) وليس لأولئك المؤمنين ذنب يستحقون به ذلك التحريق بالنار إلا أنهم آمنوا بالله تعالى القوي الغالب الذي يستحق الحمد، المستولي بسلطانه على ملك السماوات والأرض، ولا تخفى عليه خافية، وسيجازي كل عامل بما عمل.

  {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا⁣(⁣٢) فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ


(١) سؤال: ما محل المصدر «أن يؤمنوا» الإعرابي؟ وما محل جملة: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ٩

الجواب: «أن يؤمنوا» في محل جر بلام مقدرة أو النصب على نزع الخافض. {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ٩} معطوفة على صلة الموصول: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} وكان الظاهر أن يقول: «وهو على كل شيء شهيد» إلا أنه عدل عن الضمير إلى الظاهر لما فيه من زيادة التخويف للمخاطب، وزيادة الرعب والهيبة والعظمة والجلال.

سؤال: ما هي أوجه البلاغة في قوله: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ٨}؟ وكذا في قوله: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ٩

الجواب: في قوله: «وما نقموا منهم ..» من أبواب البلاغة تأكيد المدح بما يشبه الذم، وفي قوله: «والله على كل شيء شهيد» إقامة الظاهر مقام المضمر.

(٢) سؤال: هل يؤخذ بمفهوم قوله: «ثم لم يتوبوا» فنفهم أنه بإمكانهم التوبة وإنقاذ أنفسهم من هذا الوعيد أم لا؟ إن كان فمن أي أنواع المفاهيم؟ وكيف يمكنهم التوبة من هذا الفعل الشنيع؟

الجواب: نعم يؤخذ بالمفهوم وإلا فما فائدة إيراد «ثم لم يتوبوا» وقد كان بإمكانهم التوبة وإنقاذ أنفسهم من وعيد الله وغضبه وليس هذا المفهوم مفهوم الصفة، وإذا كان أصحاب الأخدود قوماً كافرين فتوبتهم بالدخول في الإيمان فالإسلام يجب ما قبله في جميع الشرائع فقد قال نوح لقومه كما حكى الله تعالى عنه: {اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ ٣ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ...}⁣[نوح]، {إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ٩٨}⁣[يونس]، {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}⁣[الأنفال: ٣٨].