سورة الليل
  من أدى ما افترض الله سبحانه وتعالى عليه في ماله واتقاه بفعل ما يرضيه واجتناب ما يسخطه، وصدق بالرسالة(١) التي جاءه بها محمد ÷ وباليوم الآخر فسيسلك الله تعالى به سبل الهدى الموصلة إلى الجنة(٢).
(١) سؤال: قد مر أن الحسنى الجنة فما الوجه في جعلها الرسالة أو نحوها مع أنها مناسبة للسياق؟ وكيف نحلل معناها بالنظر إلى أصل اللغة؟ وكذا اليسرى إذا كان المراد بها الخصلة الأيسر من غيرها (الطاعات) فيقال على هذا المفهوم إشكالات:
أ - تيسير العمل الميسر غير مستقيم كتحصيل الحاصل.
ب - كيف نطلق على الطاعات كونها أيسر من غيرها وفيها تعب ومشقة لأنها تكاليف.
ج - لو كان المراد ما قلتم لقال: فسنيسر له اليسرى لا: فسنيسره لليسرى، وإذا كان المراد باليسرى الجنة فما الوجه في هذه التسمية؟ وهل عهدت في الشرع في غير هذا الموضع مع قولنا إن التي في سورة الأعلى ليست بمعنى الجنة؟
الجواب: «الحسنى» تأنيث «الأحسن» فهي صفة لموصوف محذوف فتصدق على الجنة وعلى كلمة التوحيد وعلى ملة الإسلام وعلى غير ذلك مما يتصف بالحسن، {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ}[الأعراف: ١٣٧]، ففسرنا الحسنى بأنها ملة الإسلام المتضمن التصديق بالجنة، وكذب بالحسنى بملة الإسلام المتضمنة التكذيب بالجنة والتقدير: وصدق بالخصلة الحسنى، وتفسيرنا غير متعارض مع ما ذكرتم فمعناه: وصدق بالجنة وبما يلزم التصديق به، وإنما وَسَّعْنا كلمة الحسنى بما يجب التصديق به.
وتيسير اليسرى أي: تيسير الطاعات غير مشكل قال الله تعالى في الصلاة: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ٤٥}[البقرة]، فإقامة الصلاة أمر شديد وثقيل إلا على الخاشعين وما ذلك إلا لأن الله تعالى يسر لهم إقامتها، وتيسير الطاعات وإن كانت شاقة على المطيعين إلا أنها يسيرة بالنظر إلى ما يترتب على فعلها من خير كبير ومصالح عظيمة وقد قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ}[البقرة: ١٨٥]، أي: فيما شرعه لهم من الشرائع. ومعنى «نيسره لليسرى» نهيئه لها بالتوفيق والمعونة والترغيب والترهيب إلى أن يرى الطاعات والفرائض خفيفة غير ثقيلة.
هذا، ولا مانع من تفسير «الحسنى» بالجنة، فقد فسرت بها في تفسير أهل البيت $ «المصابيح»، وفي غيره من التفاسير، كما أنها فسرت بما ذكرنا.
(٢) سؤال: كيف يجيب المرشد على قول الأشعري إن التيسير موجود في بنية المؤمن وخلقته من أول وهلة، وكذا العكس بدليل تسليط الفعل «فسنيسر» على ضمير الشخص نفسه، ويؤيد ذلك بالرواية المشهورة: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له» بجواب مختصر مقنع؟
=