محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الليل

صفحة 649 - الجزء 4

  {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ٨ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ٩ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ١٠} وأما من بخل بماله ولم يؤد ما افترض الله سبحانه وتعالى عليه فيه، واسترسل في معاصي الله تعالى، وكذب بدينه وباليوم الآخر فلا يهديه⁣(⁣١) الله تعالى لسبل الخير والرضوان، بل مصيره إلى عذاب جهنم خالداً فيها أبداً، والمراد بقوله: «واستغنى» بما لديه من المال وغيره.

  {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ١١} ولن يستنقذه ماله من عذاب الله تعالى إذا نزل به.

  {إِنَّ عَلَيْنَا⁣(⁣٢) لَلْهُدَى ١٢} اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن لا يترك


=

الجواب: المكلفون جميعاً خلقوا لعبادة الله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}⁣[الذاريات]، وتيسير الله تعالى المؤمن لطاعته ليس ملجئاً له إلى فعل الطاعات وتيسير الكافر للعسرى غير ملجئ له إلى فعل الكفر والمعاصي؛ لأن التيسير هو التسهيل، ولا يلزم الجبر ولو كان التيسير موجوداً في بنية المؤمن والكافر.

(١) سؤال: يقال: ما الوجه على أن هذا هو المراد بالتيسير للعسرى؟

الجواب: الوجه هو أنه قد قامت الدلالة على أن إضلال الله للفاسقين إنما هو سلب التوفيق والتنوير و ..، فالتيسير للعسرى لا يصح تفسيره إلا كذلك؛ لأن الله تعالى لا يفعل القبيح ولا يظلم مثقال ذرة.

(٢) سؤال: ما الذي يفيدنا تقديم الجار والمجرور هنا؟ وهل المراد بـ «الهدى» هنا المصدر أم الاسم؟ وما ينبني على ذلك؟

الجواب: العادة والقاعدة في لغة القرآن أن يقدم الجزء الأهم من الجملة فقدم الجار والمجرور هنا لأنه الأهم والمقصود الأعظم {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ١٢} فكفى بالله هادياً ونعم الهادي، ومن أصدق من الله حديثاً، {وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى ١٣} فنعم المالك ونعم الحاكم لا يظلم مثقال ذرة. فهذا التعليق بعد كل جملة هو لبيان أهمية الجزء المقدم من الجملة، وإذا قلت: المال لزيد أو لزيد هذا المال، فتقول في التعليق على الأول: نعم المال، وعلى الثاني: نعم الرجل هو أهل لذلك المال. والهدى في هذه الآية اسم لما به الهدى أي: لما يحصل به الهدى والإرشاد كالقرآن والرسول، وإذا قدرنا الهدى مصدراً كان اسماً لفعل الرسول ÷ الذي هو قراءة القرآن ونحوه.