سورة النساء
  {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} من العبيد، فكل هؤلاء الذين عدد الله - لهم حقوق خاصة تجب مراعاتها والمحافظة عليها، واعلم أن أقل الإحسان وأدناه هو كف الأذى وهذا أقل درجات الإحسان.
  {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ٣٦} فهو يبغض من كان معجباً بنفسه، ويظن أنه من فوق الناس، وأنهم دونه، والمعجب بنفسه مشغول بما يرى في نفسه من العظمة لذلك فإنه لا يلتفت إلى الإحسان إلى من أوصى الله بالإحسان إليه، وإذا نظر إليهم فإنما ينظر نظر احتقار وازدراء، ومن هنا استحق المعجب بنفسه أن يحرمه الله من فضله وإحسانه والجزاء من جنس العمل.
  {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} وصف الله أهل الخيلاء والفخر بأنهم أهل بخل لا يؤدون ما أوجب الله عليهم في أموالهم(١)، ويأمرون الناس بالبخل، ويكتمون العلم الذي أنزله عليهم، وهذه الصفات هي صفات اليهود.
  {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ٣٧} أعد الله تعالى لأهل هذه الصفات عذاباً مهيناً في جهنم خالدين فيها أبداً.
  ثم ذكر الله بقية صفاتهم فقال: {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ} فإذا أنفقوا شيئاً فإنما يريدون به المفاخرة وليثني عليهم الناس وليذكروهم بالكرم.
  {وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} ومع ذلك فهم في الحقيقة غير مصدقين بالله ولا باليوم الآخر، ولو كانوا مؤمنين بالله وباليوم الآخر لما اتصفوا بتلك
(١) – سؤال: هل يُحمَل الفضل على المال والعطاء الذي أعطاهم الله إياه؟
الجواب: المراد كتم ما أسروه وأخفوه في نفوسهم من الحق الذي اختصهم الله به وتفضل به عليهم من النعم العظيمة، ومن أكبرها ما ذكر الله تعالى: {فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ٥٤}[النساء]، وأكبر سر أخفوه هو كتم علم التوراة الذي تعلق بالنبي ÷ وبصفاته وبدينه وبما يتعلق بذلك.