سورة النساء
  يخاطب الله الناس بأنه قد جاءكم حجة واضحة منه على لسان نبيه ÷ وهي المعجزات، والقرآن وفيه برهان واضح على أنه حق من عند الله.
  {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ} وبالنور الذي أنزله.
  {وَاعْتَصَمُوا بِهِ} أي: امتنعوا بالله ليكفيهم ما يُخَاف ويُحذَر من شرور الدنيا والآخرة.
  {فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ١٧٥}(١).
  {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} استفتى الصحابة النبي ÷ عن الكلالة، وقد نزل في الكلالة آيتان إحداهما في الشتاء والأخرى في الصيف(٢).
  فالآية المذكورة في أول السورة تفيد أنه حين يموت الميت ولا ولد له، ولا أب، ولا جد - فهذا اسمه كلالة، ويرثه ناس غيرهم، فإذا كان للميت إخوة من الأم فلهم الثلث، وإذا كان له أخ واحد فله السدس.
  {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} وهذه الآية تفيد أن الميت إذا لم يكن له ولد ولا والد(٣) وترك أختاً واحدة من أب وأم فلها النصف، وإن كانتا اثنتين فأكثر فلهن الثلثان، وإن كانوا ذكوراً وإناثاً فللذكر مثل حظ الأنثيين.
(١) سؤال: هل المراد يدخلهم في رحمة منه في الدنيا؛ ليناسب: {وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}؟
الجواب: المراد في الدنيا؛ لتناسب {وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ ...}.
(٢) سؤال: ما هي آية الصيف وما هي آية الشتاء؟
الجواب: آية الصيف هي التي في آخر سورة النساء، وآية الشتاء هي التي في أولها، وقد جاءت الرواية من طرق كثيرة عن عمر أنه سأل النبي ÷ عن الكلالة فقال ÷: «يكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء».
(٣) سؤال: من أين استفدنا أنه لا يكون له والد؟
الجواب: استفدناه مما ثبت وتقرر أن الأب يسقط الإخوة فيما تقدم في قوله تعالى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ}[النساء: ١١]، وكأن المسألة وفاقية.