محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأعراف

صفحة 595 - الجزء 1

  وماذا فعلوا معهم؟ وكيف عاملوهم؟ وسيسألهم الله سبحانه وتعالى أسئلة دقيقة، وكذلك سيسأل الأنبياء الذين أرسلهم إليهم: هل بلغتموهم، وكررتم عليهم التبليغ؟

  {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ ٧} وسيخبر الله سبحانه وتعالى الأمم والرسل بما فعل كل واحد منهم؛ لأنه مطلع عليهم بعلمه.

  {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ}⁣(⁣١) حسابٌ دقيقٌ، كل امرئ على قدر عمله من الثواب والعقاب {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}⁣[الكهف ٤٩].

  {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ٨}⁣(⁣٢) الذي عمل الأعمال الصالحة في الدنيا، واستغرق عمره في طاعة الله سبحانه وتعالى وذكره؛ فهذا هو المفلح.

  {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ ٩} والذي ضيع عمره في المعاصي واتباع الأهواء والشهوات فهذا قد خسر نفسه في الآخرة، وسيدخل النار بسبب أعماله هذه.

  ولا ميزان في الحقيقة⁣(⁣٣)، وإنما عبر الله سبحانه وتعالى به؛ لأنه لما كان حسابه في


(١) سؤال: من أين استدل أصحابنا على أن الميزان عبارة عن إقامة العدل؟

الجواب: يستدل أصحابنا بأن أعمال العباد أعراض لا توزن لذاتها، ولا توصف بالثقل والخفة لذاتها، والوزن إنما يكون لما يوصف بالثقل والخفة، وبأن الله تعالى غير محتاج لآلة وزن لمعرفة مقادير الأعمال ولا يحتاج للآلة إلا المخلوق.

(٢) سؤال: ما الوجه في التعبير عن الأعمال الصالحة بثقل الموازين؟ وعن الأعمال السيئة بخفة الموازين؟

الجواب: عبر الله تعالى هاهنا عما ذكر بطريق الكناية لأنها أبلغ من الحقيقة وأدل على المعنى المراد من حيث أن الكناية تفيد المعنى ودليله.

(٣) سؤال: وهل يلزم محذور من القول بالميزان الحقيقي، ويكون في علم الله، لا على ما وصف في روايات الحشوية، وما قالوه من العبث ينتفي بأن يكون فيه حكمة ومصلحة غير إحصاء الأعمال، كأن يكون فيه لطف للعباد في أن يدققوا في أعمالهم إذا علموا بالوزن الأخروي، وتماماً مثل شهادة الأعضاء والجوارح؟

الجواب: لا مانع من أن يظهر الله تعالى مقادير الأعمال يوم الحساب ليراها أهلها؛ لما في ذلك من إظهار العدل الإلهي، وحتى يعلم العاملون خيراً أو شراً أن الله تعالى لم يظلمهم مثقال ذرة =