سورة الأعراف
  منها من فاعل فعلها، ومدبر قائم عليها، وأنه ذو قدرة عظيمة، وحكيم وغني، وأنه لا يصح عليه النوم ولا الغفلة، و ... و ... و. إلخ، وأنه ليس كمثله شيء(١).
  هذا، وقد جعله الله سبحانه وتعالى حجة على الإنسان حتى إذا جاء يوم القيامة سيسأله الله سبحانه وتعالى لماذا كذبت ولم تؤمن؟ ولماذا كفرت وجحدت مع أني قد جعلت لك عقلاً تعرفني من خلاله، وتعرف أني الإله الحق الذي تحق له العبادة والطاعة؟ قال تعالى: {أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ١٧٢} يعني: فكل هذا كراهة لقولكم واعتذاركم بعدم المعرفة لله سبحانه، فكل عاقل لا بد أن يفكر، ولا بد أن يوصله تفكيره إلى معرفة الله سبحانه وتعالى وربوبيته.
  فعُبَّاد الأصنام، والذين يعيشون بينهم، والذين يعيشون في بلاد الكفر حالهم كحال غيرهم في معرفة الله سبحانه وتعالى، غير أن الأوهام التي قد ملأوا عقولهم بها، والخرافات التي يحكونها لهم قد غطت على الحقيقة التي في عقولهم، وكذلك الهوى الذي في أنفسهم قد منعهم عن إنصاف النظر، وداعي الفطرة لايزال
(١) سؤال: قد يقول القائل: فعلى هذا لا يحتاج للدراسة في كتب أصول الدين لنصل إلى المعرفة الحقيقية فكيف يكون الجواب؟
الجواب: حجة الله تعالى قائمة بما صرّف الله تعالى من الحجج والآيات والبراهين في كتابه الكريم، وكتب أصول الدين لم تأت بشيء آخر، وإنما قربت وفصّلت وشرحت ما بينه الله تعالى في كتابه الكريم، وأخرجته للناس في صورة قريبة لفهم الناس، وجمعت ما تفرق في آيات القرآن الكريم، وإلا فالقرآن هو أصل العلوم الدينية؛ فأخرج العلماء منه علم أصول الدين وعلم الفقه وعلم المواريث، وعلوم اللغة العربية، ففيه تقريباً جل ما يحتاج إليه من مفردات اللغة. أما علم النحو والصرف وعلوم البلاغة وعلم أصول الفقه فإن لم تكن موجودة فيه بالفعل فهي موجودة فيه بالقوة، من هنا استخرج العلماء منه هذه العلوم، ولا يمكن العامي معرفة تفاصيل العلوم التي شملها القرآن الكريم، إنما يعرفها ذوو الذكاء والفطنة من الراسخين في العلم.