محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأنفال

صفحة 6 - الجزء 2

  {وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بِيْنِكُمْ} واتركوا التنازع والاختلاف، وتسامحوا فيما بينكم وتصافوا.

  {وَأَطِيعُوا اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ١} ائتمروا بأوامر الله سبحانه وتعالى ورسوله وامتثلوها، وإن كنتم مؤمنين بحق وصدق كما تزعمون فاتركوا النزاع والاختلاف، وتآخوا فيما بينكم، وفي قوله: {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} بعث على الحماسة في قلوبهم، كقولك لشخص: إن كنت رجلاً فافعل كذا، تريد بذلك أن تزيده حماسة، فأراد الله سبحانه وتعالى بذلك أن يزيدوا من تمسكهم بإيمانهم ودينهم، وأن يرضوا بما حكم به الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه ÷ في جميع أمورهم.

  {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢}⁣(⁣١) ليس كل من نطق الشهادتين مؤمناً، ولا يسمى مؤمناً ويستحق اسم الإيمان إلا الذي إذا ذكر الله سبحانه وتعالى عنده تذكر وخاف، وامتثل لأوامره، وانتهى عن مناهيه، وإذا زجره أحد وقال: له اتق الله انزجر وخاف، فهذه هي صفة المؤمن.

  وقد يقال: إن علامة المؤمن هو من إذا سمع القرآن يتلى بكت عيناه، بدليل هذه الآية⁣(⁣٢).


(١) سؤال: علام عطف قوله: {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢

الجواب: معطوف على صلة الموصول، لا محل لها من الإعراب.

(٢) سؤال: في هذه الآية حصر وقصر أنه لا يستحق اسم الإيمان إلا أصحاب هذه الصفات المذكورة فيها، فكيف بالآيات الأخرى التي فيها حصر وقصر وذكر فيها صفات أخرى، ففي آية النور {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا ..}⁣[النور: ٦٢]، وفي آية الحجرات: {ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ ...} إلخ [الحجرات: ١٥]، فما الحل؟

الجواب: لا مخالفة بين هذه الآيات الثلاث ولا منافاة فقوله تعالى في هذه الآية: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ...} يدخل فيه ما ذكر في الآيتين الأخريين، فوجل قلب المؤمن عند ذكر الله يدفعه إلى فعل ما أوجب الله وترك ما نهى عنه، وما ذكر من الصفات في =