سورة التوبة
  {فَإِنْ تَوَلَّوْا} وأبوا الاستماع إليك، وأرادوا هلاكك.
  {فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ} فلا تخف منهم، وقل سيكفيني الله بهم، وسيحفظني ويدفع عني شرهم وأذاهم، {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} اعتمدت عليه وحده، {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ١٢٩} رب الملك كله، والعرش هو ملك السماوات والأرض وما بينهما(١)، ولا سرير كما يزعمون ويقولون.
  وهذه السورة اسمها التوبة، وقد نزلت في المدينة، وأكثرها تتحدث عن المنافقين، وتذكر شأنهم وأفعالهم، وبعض آياتها قد تحدثت عن المشركين.
  * * * * *
(١) سؤال: يقال: هل يلزم من القول بأنه بناء عظيم فيه مصلحة عظيمة للملائكة أو لطف لهم - محذور أو لا؟ وهل يحمل عليه ما ورد في الحديث الصحيح الذي في مجموع الإمام زيد وغيره من المسانيد: «إلا كتبت في رق ثم وضعت تحت العرش ... إلخ»؟
الجواب: لا يلزم محذور فيما ذكرتم، وقد جوز بعض أئمتنا ما ذكرتم تجويزاً، ولكن العبرة في الإثبات لما ذكرتم هو الدليل، وقد فسر أئمتنا ما ورد في القرآن العرش والكرسي بغير البناء العظيم، بل في البخاري عند تفسيره لآية الكرسي صدَّر تفسيرها برواية أنه الملك. وأما: «إلا كتبت في رق ثم وضعت تحت العرش» فالتعبير كناية عن قبول الله للعمل وبيان مكانته عنده، وعن حفظه في أحفظ مكان، وقد صح وثبت أن الله تعالى غني عن كتابة علمه، ولا يحتاج أن يحفظ ما يريد حفظه تحت العرش، وإنما ذلك شأن المخلوق الضعيف.