محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة التوبة

صفحة 135 - الجزء 2

  يجعلهم ينزجرون، ويقلعون عما هم عليه من الكفر والنفاق والتمرد؛ فالمفترض بهم أن ينتبهوا بسبب ذلك من غفلتهم ورقدتهم، وهذا من لطفه عندما يبتلي الإنسان ببلاء أو شدة؛ لأن ذلك يوقظه، ويسوقه إلى الرجوع إليه والخوف منه، فكيف مع كل هذا لا ينتبه المنافقون ويرجعون عن غيهم وضلالهم.

  {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ⁣(⁣١) ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ١٢٧} فهذه هي طبيعة المنافقين كلما أنزلت سورة وسمعوها جعل بعضهم ينظر إلى بعض يهمون بالفرار لئلا تلحقهم مذمة عندما يتركون العمل بما نزل، ويكون انصرافهم عذراً لهم في عدم العمل ظناً منهم أن ذلك ينفعهم، وأن فيه مخرجاً لهم.

  {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} يخاطب الله سبحانه وتعالى العرب بأنه قد أرسل إليهم رسولاً منهم، إذ كان أهل المدينة أخواله، وأهل مكة أهله وعشيرته.

  فأخبرهم الله سبحانه وتعالى بأنه ليس غريباً أن يكون منهم نبي، فلماذا لا تؤمنون به ما دمتم تعرفونه، وتعرفون معدنه وأصله.

  {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ}⁣(⁣٢) يعز عليه أن تقعوا في المهالك، وحريص عليكم أشد الحرص، وأيضاً يدعوكم إلى ما فيه نجاتكم وسعادتكم في الدنيا والآخرة.

  {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ١٢٨} مشفق على المؤمنين أن يلحقهم أي أذى أو مكروه أو مضرة في الدنيا وفي الآخرة.


(١) سؤال: هل قوله: {هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ} معمول لقول محذوف أم كيف؟

الجواب: ذلك معمول لقول محذوف تقديره: قائلاً هل يراكم من أحد.

(٢) سؤال: ما إعراب: {مَا عَنِتُّمْ

الجواب: «ما» مصدرية مسبوكة مع «عنتم» بمصدر، وهو فاعل {عَزِيزٌ}، وعزيز: صفة ثانية لرسول، ويجوز أن يكون «ما عنتم» مبتدأ مؤخر، وعزيز: خبر مقدم، والجملة صفة ثانية لرسول في محل رفع.