محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة يونس

صفحة 138 - الجزء 2

  التعجب؟ وما المانع من أن ينزل الله سبحانه وتعالى وحيه على رجل مثلهم؟ فواجهوا هذا النبي الذي ينذرهم واتهموه بأنه ساحر ظاهر سحره، وليس من النبوة في شيء.

  ومعنى: {قَدَمَ صِدْقٍ} أن لهم عند الله مكانة مكينة.

  ثم خاطب الله سبحانه وتعالى قريشاً فقال: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}⁣(⁣١) فمن هذه صفاته هو الذي يستحق أن يكون رباً لكم تتوجهون إليه بعبادتكم دون تلك الأصنام التي لا تنفع ولا تضر.


(١) سؤال: هل الستة الأيام على حقيقتها أم لا؟ وماذا يجاب على من قال: إن قدرة الله متمكنة على خلقها في لحظة فما وجه الستة الأيام؟

الجواب: الستة الأيام المذكورة في الآية هي أيام أخرى: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ٤٧}⁣[الحج]، والله تعالى على كل شيء قدير فهو جل وعلا قادر على أن يخلق السموات والأرض في لحظة واحدة، ولكن الله تعالى طبع خلق ما خلق في هذه الحياة على أسباب ومهلة، فخلق الإنسان وسائر الحيوان من الماء (النطفة) بتزاوج الذكر والأنثى خلقاً من بعد خلق ... إلخ، وخلق النبات من البذرة خلقاً من بعد خلق، وأصل خلق الإنسان والحيوان والنبات هو التراب، وهكذا خلق السموات والأرض وما بينهما كان على مراحل. والذي لاح بخاطري من وجوه الحكمة يعود إلى المكلفين والتكليف، {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}⁣[فصلت: ٥٣]، ففي هذا القرن الذي تطورت فيه وسائل المعرفة توصل علماء المادة إلى أن أصل خلق الكواكب والنجوم (السماوات والأرض) هو مادة غازية في الفضاء تكونت منها الأرض والشمس وسائر الأجرام السماوية، وبهذه المعلومة التي تحققوها وآمنوا بها ونشروها وأعلنوها، وتدرس في المعاهد والجامعات تقوم حجة الله عليهم أولاً وعلى أهل عصرهم ثانياً. وإنما كان حجة عليهم قائمة لأن الله تعالى قد ذكر ذلك في القرآن الحكيم الذي جاء به رسول الله ÷ قبل مئات السنين فهذا مثال يفتح باب معرفة الحكمة، والله أعلم.