محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة هود

صفحة 218 - الجزء 2

  {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ ٤٢} كان الولد هذا منعزلاً عن أبيه مع الكافرين فناداه نوح # بأن يركب معه؛ شفقة منه عليه من الغرق.

  {قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ} فرفض دعوة أبيه، وقال له: سأصعد جبلاً طويلاً لا يلحقني فيه طوفان الماء.

  {قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ}⁣(⁣١) يخاطب ابنه بأنه لن ينجو من الغرق إلا من كان من أهل رحمة الله سبحانه وتعالى وهم المؤمنون، فلم يصدق أباه أن الناس جميعاً سيغرقون، وظن أن الجبل سيحميه، وقد عاتب الله سبحانه وتعالى نبيه على ذلك؛ لأنه قد أخبره أنه لن ينجو من الغرق إلا من كان من أهل رحمته، فتاب نوح # وندم على ما كان منه، واستغفر الله من ذنبه ذلك.

  {وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ} عندما قضى الله سبحانه وتعالى على الكافرين أمر الأرض بأن تبتلع ماءها، والسماء بأن تكف عن المطر؛ فنقص الماء إلى أن رجع كل شيء على حالته.

  {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} ورست السفينة على جبل اسمه الجودي قيل إنه في أرض التبت، وهي في أطراف الهند.

  {وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ٤٤} هذه دعوة⁣(⁣٢) نوح ومن آمن معه، وقد تكون دعوة من الملائكة، ويمكن أن تكون من الطرفين.


(١) سؤال: قد يقال: كيف صح أن يستثنى المرحوم (الشخص) من اسم المعنى (عاصم)؟

الجواب: التفسير مبني على المعنى في الجملة، أما إعراب: {إِلَّا مَنْ رَحِمَ} فـ «من» مستثنى من «عاصم» والجملة صلة «من» أي: إلا الراحم، والمعنى: لا عاصم إلا الله، وقد وعد بأنه لن يعصم من عذاب الغرق إلا المؤمنين.

(٢) سؤال: يقال: هل يصح أن تكون هذه الدعوة إخباراً من الله بهلاك الظالمين؟

الجواب: الظاهر أن ثمة قائلاً قال ذلك ولا مانع منه، ويجوز كناية عن الاستهانة بالمهلكين كقوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ ...}⁣[الدخان: ٢٩].