[طرق العلة التي لم تعتبر عند المصنف]
  وقد ينازع في إفادة الشبه للظن فيحتاج إلى إثباته إِمَّا بشيء من مسالك العلة التي هي الإجماع والنص والسبر، لا بالمناسبة وإلا لزم خروجه عن كونه شبهياً إلى كونه مناسباً مع ما بينهما من التقابل، ومن ثم قيل في تعريفه ما سبق.
  وإِمَّا بالدوران (بأن يدور معه الحكم وجوداً وعدماً) أي: بسبب دوران الحكم مع الوصف، بأن يثبت بثباته وينتفي بانتفائه (مع التفات الشارع إليه) أي: يكون مما اعتبره الشارع في بعض الأحكام [والتفت إليه](١)، كالذكورة والأنوثة، فإنها اعتبرت في بعض الأحكام دون بعض.
  وإنما كان طريقاً للشبه لثبوت التعليل بالعلة التي تطرد وتنعكس، ولأن من دعي باسم فغضب، ثم إذا زال الدعاء بذلك الاسم زال الغضب، فإذا أعيد الدعاء به عاد الغضب - فإنا نعلم أن علةَ الغضب الدعاءُ بذلك الاسم، بل يفهمه من ليس أهلاً للنظر من الأطفال فيتبعونه داعين له بذلك الاسم ليغضب، ومنْعُه من إنكار الضروريات؛ للعلم بأن الأطفال يقطعون به من غير استدلال بأمر آخر.
  مثال الشبه الثابت بالدوران: (كالكيل(٢)) أو الوزن مع الجنس (في تحريم التفاضل على رأي) لأئمتنا $، وكالاقتيات معه عند مالك، وكالطُّعم معه عند الشافعي، فإن التعليل بهذه العلل لم يثبت بنص ولا إجماع، وإنما ثبت بكونه دار معها الحكم وجوداً وعدماً.
  فإن قيل: قد نص أئمتكم وغيرهم على أن علة التحريم منبه عليها، وكل على أصله؛ وذلك يقتضي أن علة الربا ليست شبهية، فكيف مثلوا بها واختاروها؟
  أجيب: بأنهم أرادوا أنها شبهية بالنظر إلى مادتها(٣)، لا بالنظر إلى الأمر الخارجي.
(١) غير موجود في نسخة المؤلف.
(٢) كقوله ÷: «لا صاع تمر بصاعين، ولا صاعين برٍ بصاع».
(٣) كونه مطعوماً ومقتاتاً ومأكولاً ومكيلاً.