شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[أول الأدلة: الكتاب]

صفحة 63 - الجزء 1

  (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أيمانهما)، فيتعين التتابع وقطع اليمين؛ لأن عدالة الرواي توجب القبول، فتعين كونها قرآنًا أو خبرًا آحاديًّا، وقد بطل لما مر كونها قرآنًا؛ فتعين كونها خبراً آحاديًّا، ولا يلزمُ من انتفاء خصوص قرآنيتها انتفاءُ عموم⁣(⁣١) خبريتها. ووقوعُ الخطأ من الرواي إنما هو في الوصف بالقرآنية، وإنما يبطل العمل إذا كان في المتن لا في الوصف.

  فإن قيل: فقد روي في الكشاف عن علي # وابن عباس وزيد وابن عمر وابن الزبير أنهم قرأوا: (وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ اللاتي دخلتم بهن)، وكان ابن عباس يقول: «والله ما نزلت إلا هكذا»، ولم يُعْمَل بموجبها.

  قلنا: إنما لم يعمل بموجبها لقوله ÷: «من نكح امرأة ثم طلقها قبل الدخول حرمت عليه أمها، ولم تحرم عليه ابنتها».

  فإن قيل: فكان ينبغي ترجيح ما روى علي # وإن كثر رواي معارضه؛ لعصمتِه وحجيةِ قوله عندكم.

  قلت: الأمر كذلك، إلا أنه رجح معارضه بكونه نصا في المقصود، وباحتمال أن يكون الوصف خارجا مخرج الغالب، أو جواب سؤالٍ أو حادثةٍ متجددة، وقرينةُ ذلك ترجيحُ أكثر أهل البيت $، وهم أعرف بمراده، والله أعلم.

[حكم البسملة والمعوذتان]

  (و) من القرآن الفاتحة والمعوذتان، وخلاف ابن مسعود في إثباتهما في المصحف لا في كونهما قرآنا، فأما (البسملة) فليست آية في التوبة اتفاقا، وهي بعض آية من سورة النمل اتفاقا، و (آية من أول كل سورة على الصحيح) من المذاهب، وهو مذهب جمهور السلف، والشافعية، وابن كثير قارئ مكة، وقالون أثبتِ قُرَّاءِ المدينة، وعاصم والكسائي من قُرَّاءِ الكوفة؛ لإجماعِ العترة من


(١) أشار بلفظ العموم إلى أن الخبرية يوصف بها القرآن وغيره، كذا قيل.