شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[التأويل البعيد]

صفحة 164 - الجزء 2

  تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء}⁣[التوبة ٦٠] ببيان أن كل صنف مصرف على انفراده⁣(⁣١)؛ إذ لم يقصد وجوب التشريك كما زعم الجويني، وإنما كان هذا تأويلاً لأن اللفظ يقتضي التشريك بين جميعهم؛ إذ الواو للجمع، والمعنى⁣(⁣٢) يقتضي إيثار ذوي الحاجة؛ إذ المقصود سد الخلة⁣(⁣٣)، والتعداد لبيان المصرف لا للتشريك، فغلب جانب المعنى على جانب اللفظ. ذكر معناه في حاشية الفصول عن نهاية المجتهد.

[التأويل البعيد]

  (و) قد يكون (بعيداً) وبعده بحسب خفاء العلاقة (فيحتاج) لبعده (إلى) المرجح (الأقوى) ولا يرجح بالأدنى، من ذلك تأويل أصحابنا والحنفية حديث أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة فقال له رسول الله ÷: «أمسك أربعاً وفارق سائرهن» رواه الشافعي عن الثقة عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه، وابن حبان والترمذي وابن ماجه، كلهم من طريق معمر، وفيه⁣(⁣٤) مقال لأهل الحديث - بأن المراد بالأربع: الأوائل إن تزوجهن مرتباً، أو بأن المراد بالإمساك: ابتداء النكاح إن جمعهن عقد.

  وإنما كان بعيداً لأن غيلان كان متجدد الإسلام لا يعرف شيئاً من أحكامه،


(١) فيجوز صرفها فيه ولا يجب صرفها في كل الأصناف.

(٢) أي: العلة.

(٣) أي: الحاجة.

(٤) قال الترمذي: قال البخاري: هذا الحديث غير محفوظ، والمحفوظ ما رواه شعيب عن الزهري قال: حدثت عن محمد بن سويد الثقفي أن غيلان أسلم ... الحديث، وأما حديث الزهري عن سالم عن أبيه فإنما هو: أن رجلاً من ثقيف طلق نساءه فقال له عمر: لتراجعن نساءك أو لأرجمنك [لأنه طلقهن وبقين عنده]، وحكم مسلم على معمر بالوهم فيه، وقال ابن عبد البر: طرقه كلها معلولة.