[الدليل الثاني: السنة]
  قد عُلمت عدالته، فلا يرتفع بالشك.
  وإن لم ينكره بل قال: لا أدري أرويته أم لا - فالأكثر أنه يعمل به؛ لأن الراوي عدل غير مكذب، وغاية عدم تذكر الأصل لما رواه أن يكون كموته وجنونه. مثاله: إنكار الزهري ما رواه ابن جريج عن مسلم(١) عن أبي موسى عن الزهري عن عروة عن النبيء ÷: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل»، قال ابن جريج: سألت الزهري فأنكره ولم يعرفه، وقد رواه عنه مسلم.
  وكإنكار سهيل بن أبي صالح حديث القضاء بالشاهد واليمين، وقد رواه عنه ربيعة، ثم كان يرويه سهيل عن ربيعة، ويقول: حدثني ربيعة عني، والله سبحانه أعلم.
[الجرح والتعديل]
  (ويكفي) عدل (واحد) ولو امرأة أو عبداً (في الجرح والتعديل) للراوي أو الشاهد المجهول حاله فيهما؛ إذ المعتبر الظن بهما، وهو يحصل بخبر العدل، ولا سبيل إلى اليقين. أما من اشتهر بالعدالة كعلي بن الحسين @، أو بعدمها كالحجاج لعنه الله - فلا يقبل القائل بخلافه.
  وإذا تعارض الجرح والتعديل فقيل: لا يرجح أحدهما إلا بمرجح، وهو مذهب الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد #؛ لقوله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ ١٧ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}[الزمر]. وقيل: التعديل أولى من الجرح إن كثر المعدل. (و) قيل: بل (الجارح أولى وإن كثر المعدل)؛ لأن في الجرح زيادة لم يطلع عليها المعدِّل، فيجب العمل به؛ لأنه لا ينفي مقتضى التعديل في غير صورة التعيين، جمعاً بينهما؛ إذ غاية قول المعدل أنه لم يعلم فسقاً ولم يظنه فيظن عدالته؛ إذ العلم بالعدم في مثل هذه الصورة لا يتصور، والجارح يقول: أنا علمت فسقه، فالحكم بعدم الجرح حكم بتكذيب الجارح، والحكم
(١) كذا في الأصل، وفي بعض كتب الأصول عن مسلم بن أبي موسى، وفي كتب الحديث ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة.