[معاني صيغة افعل المجازية]
  وقولِه ÷: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة»؛ فلولا أن الأمر يقتضي الوجوب لم يكن في الخبر مزيد فائدة؛ إذ السواك قد كان مندوباً إليه قبل ذلك.
  وما روي أن أبا سعيد الخدري دعاه النبي ÷ وهو في الصلاة فلم يجبه، فقال ÷: «ما منعك أن تجيب وقد سمعت قول الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}[الأنفال: ٢٤]؟ فلامه على ترك الإجابة من حيث إن الله قد أمر بها، فدل على أن الأمر للوجوب.
  (ولاستدلال السلف) الماضين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم (بظواهر) صيغ (الأوامر) المطلقة المجردة عن القرائن (على الوجوب)؛ فإنا نعلم من أحوالهم أنهم كانوا يرجعون في إيجاب العبادات وغيرها إلى الأوامر المطلقة، كما استدلوا بالأمر في قوله ÷: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب»، وقولِه ÷: «فليصلها إذا ذكرها» على الوجوب من غير توقف، ولم يُحْكَ عن أحد من الصحابة ومن بعدهم أنه دفع احتجاج مخالفه بالأمر من حيث إنه لا يقتضي الوجوب، وإنما كانوا يفزعون عند الاختلاف إلى التأويل لمعارض أو قرينة، وتكرر شائعاً بلا نكير فكان إجماعاً قطعياً على ظهوره(١) في الوجوب، والله أعلم.
[معاني صيغة افعل المجازية]
  (و) إذا عرفت أنه حقيقة في الوجوب فاعلم أنها (قد ترد صيغته) التي هي مُسمّاه وهي افعل وما يقوم مقامها (للندب والإباحة والتهديد وغيرها) من الإنذار والامتنان والإكرام والتسخير والتكوين والتعجيز والإهانة والاحتقار والتسوية والتمني والخبر والدعاء (مجازاً) لعلاقة.
(١) أي: الأمر.