شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[هل يصح نسخ الإجماع والقياس]

صفحة 186 - الجزء 2

  وقيل: يكون نسخاً مطلقاً؛ لأنه قد ثبت تحريم فعل الباقي بغير المنقوص من الشرط والجزاء، ثم ارتفع ذلك الحكم بحكم آخر، وهو جواز الباقي أو وجوبه بدون المنقوص، ولا معنى للنسخ سوى ذلك.

  قلنا: معنى التحريم للباقي بدون المنقوص وجوبُ المنقوص مع وجوب الباقي، ولا معنى له سوى ذلك، فنقصه نسخ لوجوبه، ولا نزاع فيه، ولا نسلم أنه نسخ لوجوب الباقي ولا مستلزم له؛ وإلا افتقر وجوبه إلى دليل آخر، وهو باطل كما تقدم.

[هل يصح نسخ الإجماع والقياس]

  (ولا يصح نسخ الإجماع) برفع الحكم الثابت به؛ لارتفاع النسخ بارتفاع الوحي بموته ÷، والإجماع لا ينعقد إلا بعده ÷؛ لما سبق⁣(⁣١)، فإذا انعقد الإجماع بعده لم يمكن نسخه بكتاب ولا سنة؛ لعدمهما بعد وفاته ÷.

  ولا بإجماع؛ لأنه إن كان لا عن دليل فخطأ ومحال وقوعه كذلك، أو عن دليل فيلزم تقدمه على الإجماع المفروض كونه منسوخاً، والناسخ لا يتقدم المنسوخ.

  والقياس شرطه عدم مخالفة الإجماع، مع أن التعبد به مقارن للتعبد بأصله؛ فيلزم تقدمه، وهو باطل، وهذه الحجة شاملة للقطعي والظني.

  (و) كما لا يصح نسخ الإجماع لما سبق (لا) يصح نسخ (القياس) الصادر من غير الرسول ÷ برفع الحكم الثابت به بدليل آخر⁣(⁣٢) مع بقاء حكم أصله، أجمع العلماء على ذلك في الطرفين (إجماعاً)، ومثل ما ادعاه المصنف من الإجماع ذكره الإمام المهدي # والقرشي في عِقْدِه.

  وفيه: أن في التلويح ما لفظه: ذهب فخر الإسلام إلى أنه يجوز نسخ الإجماع


(١) لأن قولهم في زمانه من دونه - لاغٍ، ومع قوله أو تقريره - الحجة في قوله أو تقريره لا في قولهم.

(٢) نحو أن يقاس الآرز على السنة المنصوصة في تحريم التفاضل ثم يرد بعد ذلك نص بجوازه فيه.