[حكم تخصيص الخبر والإنشاء]
  رسول الله ÷: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة(١)». وغير ذلك كثير، حتى قال بعض المحققين: إنه لا يكاد يوجد في أدلة الأحكام عموم غير مخصص، فإبطال حجية العام المخصوص إبطال لحجية كل عام.
  وأيضاً فإنا نقطع بأنه إذا قيل: «أكرم بني تميم»، ثم قيل بكلام منفصل: «لا تكرم منهم زيداً» فترك إكرام سائر بني تميم عد عاصياً بالترك، ولولا أنه ظاهر فيما عدا صورة التخصيص وحجة فيه لما عدَّ عاصياً.
  وأيضاً العام قبل التخصيص كان حجة في كل واحد من أفراده إجماعاً، والأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يوجد معارض، والأصل عدمه، فمن ادعاه يحتاج إلى الدليل، وعدم الحكم في بعض الأفراد لا يصلح معارضاً؛ لأن عدم الحكم في فرد لا ينافي ثبوته في آخر.
[حكم تخصيص الخبر والإنشاء]
  (و) مختار الأكثر (أنه) أي: الشأن (يصح تخصيص) نوعي الكلام من (الخبر) والإنشاء؛ لكثرة وقوعه، كقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الرعد ١٦]، ونحو: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١٢٠}[المائدة]، {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ٤٢}[الذاريات]، {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}[النمل ٢٣]، فإنه تعالى ليس خالقاً لذاته ولا قادراً عليها، والريح أتت على الجبال والأرض ولم تجعلها كالرميم، ولأنها لم تؤت(٢) السماوات.
  وكقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة ٥]، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة ٣٨]، {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا}[النور ١]، مع تخصيصها بعدم قتل
(١) قال في نظام الفصول: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» اتهم مالك بن أوس بن الحدثان، بوضعه، اتهمه الحافظ الناقد عبدالرحمن بن حراش وغيره.
(٢) عبارة القسطاس: لأنها لم تؤتَ مما في السموات ولا من المعدومات وما تأخر عنها أو تقدم أو من أكثر الأشياء في وقتها.