شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[حكم العام بعد التخصيص]

صفحة 137 - الجزء 2

[حكم العام بعد التخصيص]

  (و) المختار من أربعة عشر قولاً مذكورة في المطولات في العام المخصوص (أن العام(⁣١) بعد تخصيصه لا يصير مجازاً فيما بقي، بل) هو باق على ما كان عليه (حقيقة) فيه، على أي وجه وقع⁣(⁣٢) التخصيص، وهو مذهب بعض أئمتنا $ والحنابلة وكثير من الحنفية والشافعية والمعتزلة⁣(⁣٣)؛ وذلك لأن اللفظ كان متناولاً للباقي حقيقة قبله باتفاق، وذلك التناول باق على ما كان لم يتغير، وإنما طرأ عدم تناول الغير⁣(⁣٤).

  ثم إذا كان التخصيص بمجمل صار العام مجملاً كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وإن كان بمبين فعند الجمهور أنه حجة في الباقي، سواء خص بمتصل أو لا؛ لاستدلال الصدر الأول به مع التخصيص، وتكرر وشاع ولم ينكر فكان إجماعاً.

  من ذلك احتجاج فاطمة بنت رسول الله ÷ على أبي بكر في ميراثها بعموم قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ...} الآية [النساء ١١]، مع أنه مخصص بالكافر والقاتل، ولم ينكر أحد من الصحابة احتجاجها مع ظهوره وشهرته، بل عدل أبو بكر في حرمانها إلى الاحتجاج بما تفرد به هو عن


(١) وثمرة الخلاف صحة الاستدلال بعمومه. فصول البدائع بتصرف

(٢) أي: سواء خص بمتصل أو منفصل، بشرع أو عقل.

(٣): وقيل: مجاز مطلقاً، وقيل: حقيقة إن كان [الباقي] غير منحصر، وقيل: إن كان المخصص غير مستقل، وقيل: إن كان شرطاً أو صفة، وقيل: إن كان شرطاً أو استثناء، وقيل: إن كان استثناءً، وقيل: إن كان [أي: المخصص] لفظاً، وقيل: إن كان بغير مستقل أو بمستقل غير متراخ، وقيل: [حقيقة]. في التناول لا في الاقتصار، وقيل: كذلك في المستقل، وقيل: إن سبق الباقي إلى الذهن عند الإطلاق، وقيل: إن كان جمعاً، وقيل: إن كان بمستقل فمجاز وإلا فالحقيقة مجموع العام ومخصصه غير مستقل. وتوجيه الجميع وأدلته وجوابها مذكور في المطولات. اهـ

(٤) قلنا: حقيقة الحقيقة: استعمال اللفظ فيما وضع له، ومطلقه - أي: التناول للباقي - غير كاف في ذلك؛ للقطع بأن البعض لم توضع له صيغ العموم، والتناول له مع غيره بحيث يكون مستعملاً فيما وضع له غير باق؛ لأنه المفروض. غ وشرحها والله أعلم.