[الدليل الثاني: السنة]
  نقل الثلث الحر من(١) الأربعة إلى الاثنين اللذين خرجت القرعة بحريتهما؛ لأن الإجماع المذكور إنما وقع على من قد عرفت حريته بعينه وإسلامه، والخبر لم يوجب رق من عرفت حريته بعينه، بل حيث التبس تعيينها، فمَنَعَ(٢) قياسَ الحرية المعلومة جملة على الحرية المتعينة في منع طرو الرق عليها.
  وكخبر المصراة، فإنه روي عنه ÷ أنه قال لمن اشترى المصراة: «لك خير النظرين إن شئت فخذها، وإن شئت فارددها واردد معها صاعاً من تمر» ذكره في أصول الأحكام وغيره، فإنه وقع الإجماع على وجوب ضمان مثل المثلي وقيمة القيمي عند فوات العين، فضمان اللبن بالصاع خلاف قياس الأصل الذي هو(٣) الإجماع؛ لأنه إنما انعقد على ضمان المثلي بمثله حيث حصل اليقين بتماثلهما جنساً وصفة، ولبن المصراة يجوز أن يخالف لبن غيرها في صفة وخاصية، فالخبر الوارد فيها لم يمنع ما أجمع عليه بعينه، بل منع من قياس ما ظن فيه المماثلة على ما علمت فيه.
  والمصراة: من صريته، إذا جمعته، والمراد: الشاة أو نحوها جُمِعَ اللبن في ضرعها وتُرِك حلبه ليظنها المشتري كثيرة اللبن، فتأمل؛ فإن هذا المقام من مظان مزال الأقدام، والله ولي الفضل والإنعام.
[حكم الرواية بالمعنى]
  (و) اعلم أنه لا خلاف في تعين رواية ما تعبدنا بلفظه باللفظ، كالأذان، وفي
(١) «عن». نخ.
(٢) أي: الخبر الآحادي.
(٣) قال في النظام: إلا أن هنا بحثاً، وهو أن ظاهره أن الأصل الذي خولف هو الإجماع، وهو لم يكن في عصره ÷ إجماع، وبعده يستلزم نسخ الحديث بالإجماع، والإجماع لا ينسخ به كما علم، وأيضاً لم يقل أحد بنسخ هذه الأحاديث؛ لأنها متأخرة عن أحاديث العتق والسراية، ولذا حكم بأنها خلاف الأصول؛ إذ المخالف إنما هو المتأخر عن الأصول وإلا كان منسوخاً بالأصول؛ انتهى بالمعنى، ولا يخفى بعده. منه ولله جزيل الحمد وصلى الله على محمد وآله وسلم.