شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الرابع: منع حكم الأصل]

صفحة 228 - الجزء 1

  بثبوت نقيض الحكم مع الوصف؛ فتغايرا عموماً وخصوصاً⁣(⁣١).

  ويشبه القلب من جهة إثبات النقيض بعلة المستدل، ويفارقه من جهة إثبات النقيض بأصل آخر⁣(⁣٢)، وفي القلب بأصل المستدل.

  ويشبه القدح في المناسبة من حيث تنتفي مناسبة الوصف للحكم؛ لمناسبته لنقيضه، ويفارقه من جهة أنه لا يقصد هنا إلا بناء النقيض على الوصف في أصل آخر بلا بيان لعدم المناسبة، فلو بين مناسبته لنقيض الحكم بلا أصل كان قدحاً فيها.

  النوع الثالث من الاعتراضات وهو الوارد على حكم الأصل، ولا مجال للمعارضة⁣(⁣٣) فيه؛ لأنها غصب لمنصب الاستدلال؛ فينقلب المستدل معترضاً والمعترض مستدلاً، وذلك مما منعوه؛ ضمًّا لنشر الجدال، أو لئلا يفوت المقصود من المناظرة، فتعين المنع: إما ابتداء أو بعد تقسيم، فانحصر بحسب الوجود في صنفين:

[الرابع: منع حكم الأصل]

  أولهما: هو (الرابع)، وهو (منع) ثبوت (حكم الأصل) مطلقاً من غير تقسيم (مثاله: أن يقول المستدل: جلد الخنزير لا يقبل الدباغ للنجاسة الغليظة كالكلب، فيقول المعترض: لا نسلم أن جلد الكلب لا يقبل الدباغ) أوْ: لِمَ قلت: إنه لا يقبل الدباغ؛ لأن حاصل منع حكم الأصل طلب دليله، ككل منع.

  والمختار أَنَّه مسموع؛ لأن غرض⁣(⁣٤) المستدل لا يتم مع منعه، وأَنَّه لا قطع بمجرده⁣(⁣٥)، وإنما ينقطع بظهور عجزه عن إقامة الدليل؛ لأن إثبات حكم الأصل مما يتوقف عليه إثبات المطلوب⁣(⁣٦).


(١) أي: فهذا الصنف أخص مطلقاً من النقض.

(٢) فإن الأصل لأحدهما الاستجمار والآخر الخف.

(٣) يعني ليس للمعترض المعارضة في حكم الأصل ونصب الدليل على انتفائه.

(٤) لأن غرض المستدل - وهو إقامة الحجة على خصمه - لا يتم مع كون أصله ممنوعاً؛ لأنه جزء الدليل، ولا يثبت الدليل إلا بثبوت جميع أجزائه.

(٥) أي: مجرد المنع.

(٦) والانتقال إنما يقبح إذا كان غير ما به تمامه. غ. أي: تمام مطلوب المستدل.