[أول الأدلة: الكتاب]
  وأخرج الواحدي بالإسناد إلى عكرمة والحسن قالا: أول ما نزل من القرآن {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} أول سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ١}. والواحدي عن نافع عن ابن عمر قال: نزلت {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في كل سورة.
  وروى عن عبد الله بن المبارك أنه قال: من تركها فقد ترك مائة وثلاث عشرة آية. وغير ذلك من الأخبار(١) الصحيحة الصريحة.
  فإن قيل: فما وجه ما روي عن أبي هريرة أن النبيء ÷ قال في سورة الملك: إنها ثلاثون آية، وفي سورة الكوثر: إنها ثلاث آيات، مع أن العدد حاصل بدونها؟
  فقد أجيب: بأنه أراد ما هو خاصة السورتين، فإن البسملة كالشيء المشترك فيه بين السور، ثم إن سلم رجحت أخبارنا بما تقدم، والله سبحانه أعلم.
[المحكم والمتشابه]
  (و) اعلم أن في القرآن محكمًا ومتشابهًا، قال تعالى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}[آل عمران ٧]، أي: المحكمات أصل الكتاب، بمعنى أن المتشابه يرد إليها، فـ (المحكم) لغة: المتقن؛ لأن الإحكام الإتقان، فالقرآن بهذا المعنى كله محكم؛ لإتقانه في حسن نظمه وترتيبه وفي البلاغة، قال تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ١}[هود]، وعليه يحمل القول بأنه محكم كله.
  واصطلاحا: (ما اتضح معناه) فلم يَخْفَ، سواء كان نصًّا جليًّا، كقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}[الإسراء ٣٢]، أو ظاهراً، كدلالة العموم في رأي، أو مفهوماً،
(١) نحو ما رواه الشافعي عن أم سلمة أنها قالت: قرأ رسول الله ÷ فاتحة الكتاب فعد {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ١} آية، {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٢ آية، {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ٣} آية، {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ٤} آية، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٥} آية، {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦ آية، {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ٧} آية.