[أول الأدلة: الكتاب]
  وعدم تعقل الإعجاز - لعدم تعقل حقيقة القرآن، كما هو شأن عوام المؤمنين(١) - لا يقتضي أن لا يكون بيِّنًا؛ فاندفع ما قيل: إن كونه للإعجاز ليس لازماً بيِّناً فضلاً عن أن يكون ذاتيًّا.
  وقدمه لأنه أصل سائرها، والسنة على الإجماع لأنها أصل له، والإجماع على القياس لسلامته عن الخطأ.
[شرط القرآن]
  (وشرطه) أي: شرط ألفاظِ القرآن وهيئته كالمد والإمالة (التواتر). وقد تواتر هذا الموجود بأيدي الأمة من غير زيادة ولا نقصان عما في العُرضة الأخيرة إجماعا(٢). (فما نقل) حال كونه (آحادا فليس بقرآن) قطعا؛ (للقطع بأن العادة تقضي بالتواتر في تفاصيل مثله)؛ لأنه مما تتوفر الدواعي على(٣) نقله؛ لما تضمن من التحدي والإعجاز. وبهذا الطريق علم أن القرآن لم يعارض(٤)، وأنه محفوظ من الزيادة والنقصان والتحريف - أي: تبديل لفظ بلفظ آخر -، ولا يجوز فيه شيء من ذلك؛ إذ في تجويزه هدم للدين، ويلزم أن لا نثق بشيء منه؛ لجواز التبديل والزيادة، ونقصان الناسخ وبقاء المنسوخ.
(١) قوله: «كما هو شأن عوام المؤمنين ..» الخ: قال في الجواهر: ولهذا قال الله تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}[العنكبوت ٤٩]، قال: فلا يكون تعقل حقيقة القرآن إلا في صدور الذين أوتوا العلم، فيكون تعقل حقيقته إما عين تعقل كونه آيات بينات، أو هو مستلزم لكونه آيات بينات، ومن البين أن تعقل كونه آيات بينات يوجب تعقل كونها معجزات قاطعات، وإلا لم يكنَّ آيات بينات، فيكون إعجاز القرآن إما ذاتيا لحقية القرآن، أو لازما بينا لها. سيلان.
(٢) قال في الإتقان: أخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال: كان جبريل يعارض النبيء ÷ كل سنة في شهر رمضان، فلما كان العام الذي قبض فيه ÷ عارضه مرتين، فيرون أن [«تكون» نخ] قراءتنا هذه على العرضة الأخيرة. قال البغوي في شرح السنة: يقال إن زيد بن ثابت شهد العُرضة الأخيرة التي بيَّن فيها ما نسخ، وما بقي، وكتبها لرسول الله ÷، وكان يقري الناس بها حتى مات.
(٣) «إلى» نخ.
(٤) أي: وإلا لتواتر المعارض.