[حكم تعدد المستثنى منه]
  وأما غير المتعاطفة التي لا يمكن فيها إرجاع كل تالٍ إلى متلوه فلأنه يجب حمل الكلام على الصحة ما أمكن، فإذا تعذر من المتلو وأمكن من المذكور أولاً وجب، فإذا قلت: «علي عشرة إلا اثنين إلا ثلاثة» كان اللازم خمسة.
[حكم تعدد المستثنى منه]
  وأما إذا تعدد(١) ما قبله: فإن كان المتعدد مفرداً نحو: تصدق على الفقراء والمساكين وأبناء السبيل إلا الفسقة منهم، فلا خلاف في عوده إلى الجميع؛ لعدم استقلال المفردات.
  وإن كان جُملاً غير متعاطفة: فإن كان ترك العطف لكمال الانقطاع فهو قرينة على أنه لا يعود إلى الجميع، وإنما يعود إلى الأخيرة، كأن تختلف الجملتان بأن تكون إحداهما خبراً لفظاً ومعنى والأخرى إنشاءً لفظاً ومعنى، نحو: «اضرب بني تميم، الفقهاء أصحاب الشافعي إلا الطوال».
  وإن كان لكمال الاتصال؛ كأن تكون الثانية بمثابة البدل أو عطف البيان، نحو: «أعطه ما في بيتك، أعطه الثياب إلا البيض» - فهو قرينة على عوده إلى الجميع(٢).
  وإن كان(٣) جملاً متعاطفة فلا خلاف في إمكان عوده إلى الجميع والأخيرة، لكن اختلفوا في الظهور، فمختار أئمتنا $ والشافعية: (أنه بعد الجمل المتعاطفة) أي: المعطوفَ بعضها على بعض بأحد حروف العطف، من باب: «ضاعفت عطاءه(٤)»، (يعود إلى جميعها) وأنه ظاهر فيه، ولو اختلفت حكماً
(١) عطف على قوله: «واعلم أنه إذا تعدد الاستثناء».
(٢) قلت: لكنه يقال لمكان الاتصال: لا تعدد في الجمل في المعنى؛ فالعود إلى الأخيرة عود إلى الجميع، وبالعكس، إلا في نحو بدل البعض، فتأمل، والله أعلم.
(*) والنزاع إنما هو في المحتمل الذي لم تقم عليه قرينة.
(٣) المتعدد.
(٤) أي: أن قوله: «المتعاطفة» ليس على أصله من الدلالة على المشاركة في أصل الفعل، لاقتضائه نسبة التعاطف إليهما معًا، بل المتعاطفة بمعنى المعطوف بعضها على بعض، كما أن ضاعفت =