شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الحقيقة الاصطلاحية]

صفحة 33 - الجزء 2

  وصفة النقل في العامة: أن ينقل الاسم طائفةٌ من الطوائف، ويستفيض فيها، ويتعدى إلى غيرها، ويشيع في الكل على طول الزمن، ثم ينشأ من بعدهم مقتفياً أثرهم في استعماله ذلك المعنى؛ لبعد تواطؤ أهل اللغة مع سعتهم على ذلك.

  وَوَجْهُ حُسنِ النقل العرفي: أنه قد يحصل به غرض صحيح، ولو قبح لم يقبح إلا لكونه عبثاً لا غرض فيه، فإذا حصل فيه غرض زال وجه القبح فحسن.

  مثال ذلك: ما عرفناه في الغائط لَمَّا استهجنوا النطق باللفظ الموضوع له في الأصل نقلوا إليه اللفظ الموضوع على المكان الذي يوضع فيه - وهو المكان المطمئن - عدولاً عن المستسمج المستهجن، وغير ذلك من الأغراض، وإن جهلنا الوجه في بعض الألفاظ لم نقطع بأنه لا غرض فيه.

[الحقيقة الاصطلاحية]

  (واصطلاحية) منسوبة إلى الاصطلاح، وهي: ما وضعه أناس مخصوصون بأن نقلوه من معناه الأصلي إلى معنى آخر وغلب عليه بينهم، كاصطلاح النحاة في جعلهم الرفع لِعلامة الفاعل وما أشبهه بعد أن كان في الأصل لِلارتفاع ضد الانخفاض، وكاصطلاح علماء الكلام في جعلهم الجوهَر للمتحيز بعد أن كان فيه للنفيس.

  فإن قيل: هذا وما أشبهه ليس بنقل عن معناه الأصلي، وإنما هو قصر على بعضه.

  أُجيبَ: بأنه بالنظر إلى الوضع وقصره على بعضه نقلٌ كما لا يخفى.

  وإنما لم يكتف بالعرفية عنها⁣(⁣١) - لأنها⁣(⁣٢) أعم من أن تكون عامة أو خاصة - كما فعل غيره لغلبة العرفية عند الإطلاق في العامة، وتسمية الأخرى بالاصطلاحية.


(١) أي: عن الاصطلاحية.

(٢) أي العرفية.