شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[حكم الخطاب الوارد في زمن النبي ÷ بما هو من أوضاع المشافهة]

صفحة 104 - الجزء 2

  وإنَّما سَاغ له⁣(⁣١) الوقوف على غالب ظنه مع تجويز حصول ما لم يحصل لو أعاد النظرَ لِتأديتِه إلى ما لا ينقطع من التجويزات وعدمِ امتثال ظاهر الدليل.

  وقد استفيد من الحد أن الخطاب الخاص لمعين لا يدخل فيه غيره إلا بدليل، وأن الخطاب لنحو: الناس، والمؤمنين يشمل العبيد إلا لمخصص، كما في الحج والجهاد والجمعة.

[حكم الخطاب الوارد في زمن النبي ÷ بما هو من أوضاع المشافهة]

  (و) اختلف في الخطاب الوارد في زمن الرسول ÷ بما هو من أوضاع المشافهة؛ فقالت الحنابلة وبعض الحنفية واختاره المنصور بالله القاسم بن محمد والد إمامنا المتوكل على الله سلام الله عليهم: إنه يعمُّ الحاضرين والموجودين ومَن بعدهم إلى انقطاع التكليف، وإلا⁣(⁣٢) لم يكن مرسلاً إليهم، واللازم⁣(⁣٣) باطل فالمقدم⁣(⁣٤) مثله.

  أما الملازمة فلأنه لا معنى لإرساله إلا أن يقال له: بلغهم أحكامي، ولا تبليغ إلا بهذه العمومات وهي لا تتناولاهم، وأما بطلان اللازم فبالإجماع.

  وأجيب بمنع الأولى وهي الشرطية، بمعنى أنه لا يلزم من عدم الخطاب عدم الإرسال، وما ذكر في بيان الملازمة لا يصح؛ لأن التبليغ لا ينحصر في خطاب الشفاه، بل يحصل للبعض شفاهاً، وللبعض بنصب الدليل والأمارات على أن حكمهم حكم المشافهين.

  ومختار أكثر أصحابنا والحنفية والشافعية والمعتزلة: (أن) ذلك أعني خطاب المشافهة (مثل: يا أيها الناس) «يا أيها الذين آمنوا»، «يا عبادي» (لا يدخل فيه)


(١) أي: الباحث المطلع.

(٢) أي: وإلا يعم.

(٣) وهو قوله: لم يكن مرسلاً إليهم.

(٤) وهو: وإلا يعم.