شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[التأويل المتعسف]

صفحة 165 - الجزء 2

  فخطاب مثله بغير ظاهر مثل هذا بعيد، مع أنه لم ينقل تجديد منه⁣(⁣١) ولا من غيره مع كثرة إسلام الكفار المتزوجين.

  وتأويل الشافعية حديث الحسن عن سمرة مرفوعاً «من ملك ذا رحم محرم فهو حر» رواه أصحابنا وأحمد والأربعة، وصححه ابن حزم وعبدالحق وابن القطان، وقال الترمذي: العمل عليه عند أهل العلم - بتخصيص عمومه بالأصول⁣(⁣٢) والفروع؛ للقاعدة المقررة، وهي: ألا عتق من دون إعتاق، وخولفت هذه القاعدة في الأصول؛ لحديث مسلم: «لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه»، أي: بالشراء من غير حاجة إلى صيغة الإعتاق، وفي الفروع؛ لقوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ}⁣[الأنبياء ٢٦]، دل بذلك على أن العبودية منافية للولدية؛ فلا يصح أن يكون الولد عبداً.

  ووجه بعده: ظهوره في كل ذي رحم محرم، مع الإيماء إلى وجهِ علة العتق⁣(⁣٣) الموجودِ في الآباء والأبناء وغيرهم، فحمله مع ذلك على صورة نادرة مراعاة لقاعدة لا يُوَافَقُون عليها في غاية البعد.

[التأويل المتعسف]

  (و) قد يكون (متعسفاً) لا يحتمله اللفظ (فلا يقبل) بل يجب رده والحكم ببطلانه، كتأويل الباطنية قوله تعالى: {وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ}⁣[النحل ٩٠] بأبي بكر وعمر وعثمان، وثعبان موسى بحجته، ونبع الماء من بين الأصابع بكثرة العلم، وأمهاتكم في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}⁣[النساء ٢٣] بالعلماء، وتحريمهن بتحريم مخالفتهم وانتهاك حرمتهم، والجبت والطاغوب بأبي بكر وعمر، والبقرة في قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}⁣[البقرة ٦٧] بعائشة، والجنة بعلم الباطن، والنار بعلم الظاهر.


(١) عبارة شرح الغاية: لا منه ولا من غيره.

(٢) متعلق بتخصيص.

(٣) وهي الرحامة. سيلان.