[عدم جواز تأخير البيان والتخصيص عن وقت الحاجة]
[عدم جواز تأخير البيان والتخصيص عن وقت الحاجة]
  (ولا يجوز) ولا يقع من الباري تعالى والرسول ÷ (تأخير البيان) للمجمل (ولا التخصيص) للعام ولا التقييد للمطلق (عن وقت الحاجة(١)) إلى ذلك، وهو وقت التكليف بالعمل بمقتضى الدليل المجمل والعام والمطلق، فلا يجوز أن يخاطبنا الله تعالى بالصلاة - مثلاً - وقد علمنا أنه لم يرد بها المعنى اللغوي - من غير أن يبين لنا ما أراد بها مع تضيق وقتها (إجماعاً) بين عامة المسلمين؛ (إذ يلزم) من جواز تأخيره كذلك (التكليف) من الباري تعالى لنا (بما لا يعلم) وهو تكليف ما لا يطاق، وذلك قبيح لا يجوز منه تعالى إلا عند من يقول بجواز تكليف ما لا يطاق؛ فإنه عندهم جائز غير واقع، ولدناءة مذهبهم لم يعتد به.
  قال في التلويح: وما(٢) روي من أنه نزل قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}[البقرة ١٨٧] ولم ينزل: {مِنَ الْفَجْرِ}؛ فكان أحدنا إذا أراد الصوم وضع عقالين أبيض وأسود، وكان يأكل ويشرب حتى يتبينا - فهو(٣) محمول على أن هذا الصنع كان في غير الفرض من الصوم، ووقت الحاجة إنما هو الصوم الفرض، انتهى.
  وقال سراج الدين: الحق أن دلالة الحال كانت قائمة في إرادة غير الظاهر، وقوله: {مِنَ الْفَجْرِ} نزل بعد ذلك زيادة بيان.
  (فأما تأخير) ذلك (عن وقت الخطاب(٤)) إلى وقت الحاجة فقيل: لا يجوز
(١) قيل: والتعبير بوقت الحاجة يناسب قول من يجعل الشرائع مصالح وهو المعتزلة القائلون بأن بالمؤمنين حاجة إلى التكليف ليستحقوا الثواب بالامتثال، ذكره في شرح الجمع عن وافي الاسفراييني، وأما من يجعلها شكرا وهم أهل البيت والأشاعرة فيقولون: عن وقت الفعل. منه.
(٢) مبتدأ.
(٣) خبر.
(٤) ولم يجوز بعضهم التأخير مطلقًا، قال في حاشية الفصول وشرح القاضي أحمد |: ومن ثمرات الخلاف جعل الوارد بعد الخطاب تخصيصا أو تقييدًا لا ناسخًا عند المجيز، والعكس عند المانع. انتهى. قلت: وفي أن القائلين بأن الخاص المتأخر ناسخ للعام المتقدم جميع =