شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[نسخ الأشق بالأخف والعكس]

صفحة 174 - الجزء 2

  بحكم خير منها، والنزاع في الثاني، ولا دلالة⁣(⁣١) عليه.

  سلمنا أن المراد بحكم خير منها⁣(⁣٢)، لكن لفظ الآية عام محتمل للتخصيص، فلِمَ لا يكون مخصَّصاً بما نسخ لا إلى بدل؟

[نسخ الأشق بالأخف والعكس]

  (و) أما إلى بدل فقد اتفق العلماء على جواز نسخ الأشق بالأخف، كنسخ تحريم الأكل بعد النوم في ليل رمضان إلى حله، ووجوب مصابرة كل طائفة من المسلمين لعشرة أمثالهم بوجوب مصابرتهم الضعف⁣(⁣٣) للضعف⁣(⁣٤).

  وعلى جواز نسخ المماثل بمثله، كنسخ التوجه إلى بيت المقدس بالتوجه إلى الكعبة.

  واختلفوا في جواز نسخ الحكم (الأخف با) لحكم ا (لأشق)، والجمهور على جوازه (كالعكس) اللغوي⁣(⁣٥)، أي: كما يجوز نسخ الأشق بالأخف؛ لما تقدم من المصلحةِ عند معتبرها، وكونه أظهر عند غيره، والوقوعِ، كنسخ التخيير بين الصوم والفدية بتعيين الصوم، وصوم عاشوراء وهو يوم بصوم شهر رمضان، والصفح عن الكفار بقتال مقاتلهم ثم بقتالهم كافة.

  وذهب بعض الشافعية وبعض الظاهرية إلى منعه؛ لأن النقل من الأخف إلى الأثقل أبعد عن المصلحة، لكونه إضراراً في حق المكلفين؛ لأنهم إن فعلوا التزموا


(١) أي: في الآية.

(٢) قال بعض المحققين: سلمنا أن المراد بحكم خير فلا نسلم أن المراد به هو الشرعي، بل المراد أعم منه ومن الأصلي، فلعل الْخَيْرَ في حكم الله تعالى عدمُ الحكم وهو حكم أصلي. وفيه: أن قوله: {نأت بخير منها} ينافي كون الأصلي مراداً؛ لأن إسناد الاتيان إلى الشارع يقضي بأنه شرعي. سيلان.

(٣) أي: المثل.

(٤) لعله أراد به المثلين.

(٥) قيده باللغوي دون الاصطلاحي لأنه عبارة عن المستوي وعن عكس النقيض، ولكل منهما شروط ذكرت فيما سبق، بخلاف اللغوي فإنه مجرد تقديم وتأخير، والله أعلم. منه.