[تقسيم الواجب بالنظر إلى فاعله]
  كافر لا الثاني، وتارك العمل بالأول فاسق لا الثاني، وإنما النزاع فيهما هل هما لفظان مترادفان منقولان من معنييهما اللغويين إلى معنى واحد هو ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه، سواء ثبت ذلك بدليل قطعي أو ظني، أو نقل كل منهما من معناه إلى معنى مخصوص، فالفرض ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه إذا ثبت بدليل قطعي، والواجب كذلك إذا ثبت بدليل ظني؟ وهذا مجرد اصطلاح(١)؛ فلا معنى(٢) لاحتجاج أبي حنيفة بأن التفاوت بين الكتاب وخبر الواحد يوجب التفاوت بين مدلوليهما، أو بأن الفرض في اللغة: التقدير، والوجوب: هو السقوط، فالفرض ما علم قطعا أنه مقدر علينا، والواجب ما سقط علينا بطريق الظن، فلا يكون المظنون مقدرا، ولا المعلوم القطعي ساقطا علينا. على أنه يقال: لو سلم ملاحظة المفهوم اللغوي فلا يسلم امتناع كونِ الشيء مقدرا علينا بدليل ظني، وكونِه ساقطا علينا بدليل قطعي، ألا ترى إلى قولهم(٣): الفرض - أي: المفروض المقدر علينا - في المسح هو الربع(٤)، والله أعلم.
[تقسيم الواجب بالنظر إلى فاعله]
  (و) لترادفهما قال: و (ينقسم الواجب) بالنظر إلى فاعله (إلى: فرض عين) وهو ما لا يسقط عن مكلف به(٥) بفعل آخر. ويكون عقليا، كشكر المنعم، ومعرفة الله تعالى. وشرعيًّا، كصلاة الظهر. ومنه خواصه الواجبة عليه ÷.
  ثم هو على ضربين: أحدهما: ما يكون فعل بعض المكلفين شرطا في صحة فعل البعض، كصلاة الجمعة. والثاني: ما لا يكون كذلك، وهو الأكثر.
(١) لأنه قد اتفق على أنهما ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه.
(٢) أي: إذا كان مجرد اصطلاح.
(٣) أي: الحنفية.
(٤) فقد أطلقوه على ما ثبت بظني.
(٥) بهذا التعريف يندفع الإشكال بالواجب عليه ÷ الوارد على قولهم: فرض العين ما يعم وجوبه جميع المكلفين، كما أشير إليه بقوله: «ومنه خواصه ÷». والله أعلم.