[الدليل الثاني: السنة]
  بالجرح غير تكذيب لأيهما، والجمع أولى ما أمكن.
  هذا إن أطلقا، أو عيَّنَ الجارح السبب ولم ينفه المعدل بيقين، أما إن عين الجارح السبب ونفاه المعدل يقيناً، كأن يقول الجارح: هو قتل زيداً يوم كذا، ويقول المعدل: هو حي ورأيته بعد ذلك اليوم - فيقع بينهما التعارض؛ لعدم إمكان الجمع المذكور، وحينئذ يرجع إلى الترجيح بينهما بأمر خارج إن أمكن، وإلا تساقطا.
  (و) هل يجب ذكر سبب الجرح والتعديل؟ فذهب أئمتنا $، والجويني، والباقلاني، والرازي، والغزالي - إلى أنه (يكفي الإجمال فيهما من) عدل موافق اعتقاده، فإن المخالفة في الاعتقاد من موجبات العداوة والتهمة، خصوصاً في حق القدماء، وحدُّهم رأس ثلاثمائة سنة، (عارف) بأسبابهما؛ لأن الجاهل لا يؤمن أن يعتقد في شيء أنه جرح وليس به، أو يعتقد أن العدالة لا تسقط بأمر وهو يسقطها، فلا بد من التفصيل.
[حكم تعارض خبر الآحاد والقياس]
  (و) متى تعارض الخبر والقياس فإن لم يمكن الجمع بينهما بوجه فقال أئمتنا $، وأحمد، والشافعي، وأكثر أصحابه، وأكثر الحنفية، وأبو عبدالله البصري: إنه (يقبل الخبر المخالف للقياس) من كل وجه (فيبطله) ويقدم عليه؛ لحديثِ معاذ المتلقى بالقبول، ولإجماع الصحابة على تقديمه، كما روي عن عمر أنه لما جاءه قاضي دمشق قال له: كيف تقضي؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإذا جاء ما ليس في كتاب الله تعالى؟ قال: أقضي بسنة رسول الله ÷، قال: فإذا جاء ما ليس في سنة رسول الله ÷؟ قال: أجتهد رأيي وأؤامر جلسائي، فقال له عمر: أحسنت.
  وعنه: أنه لما بعث شريحاً على قضاء الكوفة قال: انظر، فما تبين لك في كتاب الله فلا تسأل عنه أحداً، وما لم يتبين لك في كتاب الله فاتبع فيه السنة، وما لم يتبين