شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[هل تدخل النساء في عموم خطاب الرجال]

صفحة 105 - الجزء 2

  أي: في ذلك الخطاب (من سيوجد) من المكلفين بعد الحاضرين والموجودين من⁣(⁣١) جهة اللفظ؛ إذ لا يقال: يا أيها الناس ونحوه للمعدومين، علم ذلك قطعاً.

  وأيضاً فإنه يمتنع خطاب الصبي والمجنون بمثله، فإذا لم يوجه إليهم مع وجودهم لقصورهم عن الخطاب فالمعدومُ أَولى؛ فلا يثبت حكمه لمن سيوجد (إلا بدليل آخر) وهو ما علم من عموم دينه ÷ إلى يوم القيامة بالضرورة، وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} ... إلى قوله: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِم}⁣[الجمعة: من ١، ٢]، وقولُه تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}⁣[الأنعام: ١٩]، أي: وأنذر من بلغه القرآن من العرب والعجم أو من الثقلين، أو مَن بلغ أَوَانَ التكليف، وقوله ÷: «وبعثت إلى الناس عامة».

[هل تدخل النساء في عموم خطاب الرجال]

  (و) اعلم أن الصيغة التي يصح إطلاقُها على الذكور خاصة قد تكون موضوعةً بِحسب المادة للذكور خاصة مثل: «الرجال»، ولا نزاع في أنها لا تتناول النساء، وقد تكون بحسب المادة موضوعة لما هو أعم مثل: «الناس، ومن، وما»، ولا نزاع في أنها تتناول النساء إن لم يكن العائد مذكراً، وقد تكون بحسب المادة موضوعةً لهما، وبحسب الصيغة للذكور خاصة، وهو محل النزاع، فاختار الأكثر: (أن دخول النساء في عموم: الذين آمنوا أو نحوه) مما كان كذلك غيرُ ظاهر - فيحتاج فيه إلى القرينة - لإجماع أهل العربية على أنه جمع المذكر، وهو بتضعيف المفرد بالإجماع، والمفرد مذكر⁣(⁣٢)، ولِمَا روي أنه ÷ قال: «ويل للذين يلمسون فروجهم ولا يتوضئون» فقالت عائشة: فالنساء يا رسول الله؟ فقال: «كذلك النساء»، فلو كن داخلات في جمع الرجال لقال لها ÷: قد دخلن في الكلام وأنكر عليها سؤالها عما قد تناوله الخطاب، ذكره في شرح الجوهرة للدواري.


(١) متعلق بيدخل.

(٢) اتفاقاً؛ إذ لا نزاع في أن مثل: مسلم، وَفَعَلَ، وافْعَلْ للمذكر خاصة. سعد الدين.