[حكم النسخ بالإجماع والقياس]
  وحكى غيرُه في الطرف الثاني(١) الخلافَ على ستة أقوال، المختار منها قول أئمتنا $ والجمهور من المنع مطلقاً: من غير فرق بين كونه في زمنه ÷ أو بعد وفاته، وبين القطعي والظني، وبأقوى أو لا؛ لأن شرط العمل بالقياس عدم ظهور المعارض، سواء كان أقوى أو مساوياً، فإذا ظهر المعارض زال شرط العمل به من أصله، سواء(٢) قيل: كل مجتهد مصيب، أو قيل: الحق مع واحد؛ لأن الذي يظهر للمجتهد بعد القياس لا بد وأن يكون معتبراً(٣) في عصره ÷ وإلا لم يكن شرعياً(٤).
[حكم النسخ بالإجماع والقياس]
  (و) كما لا يصح نسخ الإجماع والقياس (لا) يصح (النسخ بهما) أي: بالإجماع والقياس الصادر من غير الرسول ÷ (على) المذهب (المختار)، أما الإجماع فلما تقدم من ارتفاع النسخ بارتفاع الوحي بوفاته ÷، والإجماع معصوم عن مخالفة دليل شرعي من الكتاب والسنة لا معارض له منهما، فما وجدناه من الإجماع مخالفاً لهما حكمنا بتضمنه الناسخ إن لم يمكن الجمع بالتأويل.
(١) وهو القياس.
(٢) في الجواهر ما لفظه: وقوله: سواء قلنا كل مجتهد مصيب أو قلنا المصيب واحد دفع ما عسى يتوهم من أن ثبوت حكم القياس حين العمل بالمنسوخ إنما يكون إذا قلنا: المصيب واحد؛ لأن الحكم حينئذ يكون ثابتاً ويكون الاجتهاد تابعاً له، وأما إذا قلنا: كل مجتهد مصيب فلا؛ لأن الحكم حينئذ يكون تابعاً للاجتهاد فلا يكون له ثبوت قبل الاجتهاد، وهذا الفرق مندفع؛ لأن المصيب إن كان واحداً فظاهر أن الحكم حينئذ يكون ثابتاً، وإن كان كل مجتهد مصيباً كان مأخذ اجتهاده ثابتاً عند العمل بالظني المعارض له، ونزول مأخذ الاجتهاد بمثابة نزول حكمه، فيكون العمل بالظني مشروطاً بعدم ظهور معارضه وهو القياس والاجتهاد.
(٣) قوله: لأن الذي يظهر للمجتهد ... إلخ علة لزوال شرط العمل بالمعارض، يعني أن المعارض إنما كان سبباً في زوال شرط العمل لكونه معتبراً في عصر النبي ÷ فكان شرعياً مؤثراً في زوال العمل بالقياس.
(٤) فيكون مبطلاً للقياس من أصله لا مبيناً لانتهاء العمل به.