شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[إجماع أهل البيت $]

صفحة 151 - الجزء 1

  فهذا ما يخص كل نوع مما تقدم من رد الشبه، ويعمها جميعاً قوله: (إذ هم) أي: من ذكر (بعض الأمة)، ولم يقم الدليل على حجية قول البعض، إلا أن يكون عليًّا #، أو أهل البيت $، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

[إجماع أهل البيت $]

  (قال الأكثر) أي: أكثر المعتزلة وغيرهم: (ولا) ينعقد (بأهل البيت $) حال كونهم (وحدهم) $، أي: منفردين عن سائر مجتهدي الأمة؛ (لذلك) أي: لكونهم بعض الأمة، وعدم قيام الدليل على حجية قول البعض.

  قلنا: و (قال أصحابنا) الذين هم الزيدية كافة، وأبو علي⁣(⁣١)، وأبو هاشم⁣(⁣٢)، وأبو عبد الله البصري، ورواية عن القاضي عبد الجبار، وغيرهم: ينعقد بهم $؛ لأنهم (جماعة معصومة) عن الخطأ؛ إذ العصمة هي التي لا يفعل معها المعصية لا محالة مع بقاء التكليف، وقد دخل فيها التوفيق؛ إذ هو ما يفعل عنده الطاعة لأن تركها معصية، ومعناها حاصل فيهم (بدليل) أي: مع⁣(⁣٣) دليل الكتاب والسنة المتواترة، أما الكتاب فقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣}⁣[الأحزاب].


(١) هو محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي المولود سنة ٢٣٥ هـ المتوفى سنة ٣٠٢ هـ، المتكلم أخذ العلم عن أبي يوسف يعقوب بن عبد الله الشحام البصري، قال الحاكم الجشمي: هو الذي سهل علم الكلام وذلله، قيل: جملة مصنفاته مائة ألف ورقة وخمسين ألف ورقة الورقة نصف كراس، وقرأ عليه أبو الحسن الأشعري وخالفه وجرت بينهما مناظرات.

(٢) هو عبد السلام بن محمد الجبائي المذكور سلفا، قدم مدينة السلام سنة ٣١٤ هـ وكان ذكيا حسن الفهم للكلام مقتدرا عليه قيما به، توفي سنة ٣٢١ هـ وله كثير من المصنفات.

(٣) جعل الباء بمعنى «مع» يدفع ما يقال: إن الدليل على العصمة لا يستلزم الدليل على حجية الإجماع، ولذا قيل: إن قول الواحد من الحسنين وأمهما $ ليس بحجة مع أنهم معصومون، وإنما كان قول علي # حجة لقيام الدليل غير العصمة ففي ما ذكرنا دفع لذلك، وللاعتراض على المصنف حيث جعل الدليل دليلاً على العصمة لا على حجية الإجماع، والحاصل أن دليل حجية الإجماع العصمةُ والدليلُ معاً.