شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[تعريف الفقيه]

صفحة 196 - الجزء 2

[الباب التاسع في الاجتهاد والتقليد]

  ولما كان بحث الأصولي عن الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس منطوقاً ومفهوماً، حقيقة ومجازاً، أمراً ونهياً، عاماً وخاصاً، مطلقاً ومقيداً، مجملاً ومبيناً، ظاهراً ومؤولاً، ناسخاً ومنسوخاً، من حيث إنه يستنبط الأحكام منها، وطريق ذلك هو الاجتهاد - ختم تلك الأبحاث بباب الاجتهاد، وذكر التقليد معه للمناسبة والمناقضة فقال:

  (الباب التاسع في الاجتهاد والتقليد، الاجتهاد) لغة: تحمل الجهد والمشقة، واصطلاحاً: (استفراغ الفقيه الوسع في تحصيل ظن) أو علم (بحكم شرعي) أي: ما أسند إلى دليل شرعي، كقياس تحريم النبيذ على الخمر، وقطع سارق عشرين درهماً على قطع سارق العشرة، وهو المراد بقولهم: بذل المجهود لنيل المقصود.

  ومعنى استفراغ الوسع: بذل تمام الطاقة، بحيث يحس من نفسه العجز عن المزيد عليه. فخرج استفراغ غير الفقيه وسعه مطلقاً، وبذل الفقيه وسعه في الظن بحكم غير شرعي.

  فالاجتهاد أعم من القياس، فيشمل أنواع الأدلة، نصًّا وظاهراً ومفهوماً وقياساً وغيرها، وهو مذهب أئمتنا $ والجمهور، ويسميان⁣(⁣١) عندهم دين الله.

[تعريف الفقيه]

  (والفقيه) لغة: كثير الفقه، وقد تقدم تعريف الفقه، واصطلاحاً: هو المجتهد، فأخذه في حد الاجتهاد دور⁣(⁣٢) بمرتبة كما ذكرته في إيضاح المغني.

  وهو (من يتمكن) إشارة إلى أن الاجتهاد هو التأهل وإن لم يحصل بالفعل، (من استنباط الأحكام الشرعية عن أدلتها) وأماراتها (التفصيلية) ولو غير إمام،


(١) أي: القياس والاجتهاد.

(٢) يقال: لزوم الدور إن قلنا: إن الاجتهاد من لازمه المجتهد وهو دور بمرتبتين.