شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الأول: الاستفسار]

صفحة 222 - الجزء 1

  ومنها: أن يكون حريصاً على إيجاز كلامه؛ فإن أكثر ما يقع الزلل فيه بالإكثار، ولا يفرط في رفع صوته فيسوء خلقه ولا يجدي نفعاً. وعلامةُ انقطاع السائل عجزُهُ عن إبانة سؤاله، أو عن تقرير وجه دليله، ونحو ذلك مما يجب عليه الإتيان به. وعلامة عجز المسئول أن يعْجَز عن الإجابة، أو عن رد المعارضة، أو الجواب عن النقض: إما بأن يسكت عما هو بصدده لغير عذر، أو يقطع الكلام بما لا تعلق له بالمسألة، أو يظهر غضبه.

  ولما كان تمام الاستدلال بالقياس وغيره بتفهيم ما يقوله، وبستِّ مقدمات مذكورة أو مقدرة - وهي: بيان أن المدعى محل للقياس، وأن حكم الأصل كذا، وأن علته كذا، وأنها ثابتة في الفرع، وأنها تستلزم ثبوت حكم الفرع، وأنه الحكم المطلوب - دَوَّنوا لذلك سبعة أنواع من الاعتراضات، تشتمل على ثلاثة وعشرين صنفاً، بعضها عام الورود على كل مقدمة، كالاستفسار والتقسيم، وبعضها على كل قياس، كمنعِ وجودِ العلةِ أو عليتِها، والمعارضةِ في الفرع، وبعضها خاص ببعض⁣(⁣١)، كما سيجيئ إن شاء الله تعالى.

[الأول: الاستفسار]

  النوع الأول: ما يتعلق بالإفهام، وهو: (الاستفسار)، وقدَّمه لأن الفهم أول كل شيء، ولأنه عام كما سبق. (وهو طلب) التفسيرِ و (بيانِ معنى اللفظ، وهو نوع واحد، وإنما يسمع إذا كان في اللفظ إجمال أو غرابة) فعلى المعترض بيان وجه الخفاء بنحو صحة إطلاق اللفظ على معنيين فصاعداً؛ لأن وضع اللفظ للبيان غالباً، فهو مدع عليه البينة.

  (ومن أمثلته) أي: الاستفسار للإجمال (أن يستدل بقوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}⁣[البقرة ٢٣٠]، فيقال) له: (ما المراد بالنكاح؟ هل الوطء) كما يقال له ذلك لغة؟ (أو العقد) كما يقال له ذلك شرعاً؟


(١) أي: بعض الاعتراضات خاص ببعض الأقيسة كالاعتراضات المختصة بالعلل الثابتة بالمناسبة كما سيأتي في النوع الرابع فإنه لا يرد على القياس الثابتة علته بغيرها. سيلان