شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[أول الأدلة: الكتاب]

صفحة 70 - الجزء 1

[سبب تسمية المرجئة بهذا الاسم]

  قال الجوهري: والمرجئة مشتقة من الإرجاء، وهو التأخير، قال تعالى حاكيا: {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ}⁣[الأعراف ١١١]، أي: أَخِّرْهُ، فسموا بذلك لأنهم لم يجعلوا الأعمال سببًا لوقوع العذاب ولا لسقوطه، بل أرجوها، أي: أَخَّرُوها وأدحضوها.

  وأما وقوع المُعَرَّب في الكتاب العزيز - وهو: ما وضعه غير العرب لمعنى ثم استعمله العرب فيه بناء على ذلك الوضع. فيخرج عنه الأعلام كإبراهيم وإسمعيل - فعنِ ابنِ عباس وعكرمة، واختاره ابن الحاجب، وبعض الشافعية: وقوعُه فيه؛ لنصِّ علماء العربية على تعريب نحو: {إستبرق}⁣[الرحمن ٥٤]، أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك: أنه الديباج الغليظ بلغة العجم.

  وأخرج ابن مردويه من طريق أبي الجوزاء عن ابن عباس قال: «السجل» بلغة الحبشة: الرجل. وذهب المبرد وثعلب إلى أن «الرحمن» عبراني، وأصله بالخاء المعجمة. وعن مجاهد «المشكاة»: الكُوَّة غير النافذة بلغة الحبشة، و «القسطاس»: العدل بالرومية. وعن سعيد ابن جبير: أنه الميزان بلغة الروم. وذكر الجواليقي أن «كافوراً» فارسي. وعن ابن عباس: {هَيْتَ لَكَ}⁣[يوسف ٢٣]: هلم لك بالنَبَطية، وقال الحسن: هي بالسِّريانية كذلك، وقال أبو زيد الأنصاري: هي بالعبرانية، وأصلها: هيتلج، أي: تعال⁣(⁣١).

  وعن وهب بن منبه قال: ما من لغة إلا ولها في القرآن شيء، قيل: وما فيه من الرومية؟ قال: {فَصُرْهُنَّ}⁣[البقرة ٢٦٠] يقول: قطعهن. وعن أبي ميسرة التابعي قال: في القرآن من كل لسان. ومثله عن سعيد بن جبير.

  والأكثر: أنه غير واقع فيه، ولا يسلمون أن ذلك من المُعرَّب؛ لجوازِ كونه مما اتفق فيه اللغتان، ولزومِ ألا يكون القرآن عربيًّا، وقد قال تعالى: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ}⁣[الزمر ٢٨].


(١) «تعاله» نخ. والهاء للسكت.