[الغريب المرسل]
  واختلف في قبول هذا النوع، (والمذهب) الذي قرره أئمتنا $ [وبنى عليه](١) الجمهور منهم القرشي(٢)، ورواه عن الجويني والغزالي ومالك: أن الواجب (اعتباره) وأنه مما يتوصل به إلى الأحكام الشرعية؛ لقولِه تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ٢}[الحشر]، فإنه أمر بالمجاوزة(٣). وتقريرِه ÷ لمعاذ حيث قال: أجتهد رأيي. وإجماعِ الصحابة؛ فإن من تتبع أحوالهم علم بالضرورة أنهم كانوا يقنعون في الوقائع بمجرد ظهور المناسبة لتصرفات الشرع، ولا يبحثون عن أمر آخر(٤). والظاهر [في الأدلة](٥) شمول محل(٦) النزاع، ما لم يرجع إلى معلوم الإلغاء؛ بأن كانت المصلحة مصادمة لنصوص الشرع، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في إفتاء الملك بالصوم.
[الغريب المرسل]
  (و) أما النوع الثاني: وهو (الغريب المرسل) فهو (ما لا نظير له) معتبر (في الشرع) لا جملة ولا تفصيلاً (لكن العقل يستحسن الحكم لأجله)، وذلك (كما(٧) يقال في البات لزوجته) أي: من طلقها طلاقاً بائناً (في مرضه المخوف لئلا ترث: يعارض بنقيض قصده فتورث، قياساً على القاتل عمداً حيث
(١) نخ.
(٢) هو العلامة الكبير يحيى بن الحسن بن موسى القرشي الزيدي الصعدي، العالم الكبير، المتكلم عاصر الإمام علي بن محمد وابنه الإمام الناصر صلاح الدين @، كان بحرا لا ينزف، رحل إلى العراق ومات غريبا سنة ٧٨٠ هـ، له كتاب المنهاج وغيره.
(٣) قد سبق أن وجه الدلالة أن القياس مجاوزة بالحكم عن الأصل إلى الفرع، ولا مجاوزة في المرسل عن أصله. ولعله يقال: المجاوزة حاصلة عن جنس المصلحة المعتبرة إلى اعتبار المصلحة المعينة المرسلة.
(٤) من كون القياس هل ثبت في أصل معين ترتب الحكم على وفقه أم لا.
(٥) غير موجود في نسخة المؤلف.
(٦) أما الآية فلما تقدم من أن المراد بالاعتبار هو القدر المشترك، أعني مطلق المجاوزة، فتدخل المصالح المرسلة، وأما الإجماع فلتضمنه معنى متناولاً لها أيضاً، وهو اكتفاء الصحابة بمجرد ظهور المناسبة المتناول لما ليس له أصل معين.
(٧) «كأن». نخ.