شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الثالث: فساد الوضع]

صفحة 227 - الجزء 1

[الثالث: فساد الوضع]

  وثانيهما: وهو (الثالث) من الاعتراضات (فساد الوضع وحاصله: إبطال وضع القياس المخصوص في إثبات الحكم المخصوص بأنه قد ثبت بالوصف الجامع) الذي ثبت به الحكم (نقيض ذلك الحكم) المثبت أولاً بنص⁣(⁣١) أو إجماع؛ فيكون القياس فاسد الوضع؛ إذ الوصف لا يؤثر في النقيضين، وإلا لم يكن مؤثراً في أحدهما؛ لثبوت كل من النقيضين مع الوصف بدلاً من الآخر، فلو فرض ثبوتهما للزم انتفاؤهما؛ لأن ثبوت كل يستلزم انتفاء الآخر. فالجار في قوله: «في إثبات الحكم» متعلق بوضع، وفي قوله: «بأنه» بإبطال، والباء سببية.

  (مثاله: أن يقال في التيمم: مسحٌ فيسن فيه التكرار كالاستجمار، فيقول المعترض: المسح لا يناسب التكرار؛ لأنه ثبت اعتباره في كراهة التكرار في المسح على الخف).

  والجواب عن هذا الاعتراض: ببيان وجود مانع في أصل المعترض، ككون التكرار في مسح الخف معرضاً للتلف، (فيقول المستدل: إنما كره التكرار في المسح على الخف لمانعٍ، وهو التعريض لتلفه)، واقتضاء المسح للتكرار باقٍ. وهذا الاعتراض يعود إلى منع كون الوصف علة لانتقاضه، وذلك خلل شرط. وهذا الجنس ليس بنقض ولا قلب ولا قدح في المناسبة، وإن كان مشبهاً لكل واحد منها من وجه فهو يفارقه من آخر.

  فيشبه النقض من جهة كونه يبين فيه ثبوت نقيض الحكم مع الوصف، ويفارقه⁣(⁣٢) من جهة إثبات الجامع بنفسه النقيضَ، والنقضُ لا يُتعرض فيه لذلك، بل يقنع فيه


(١) متعلق بـ «ثبت».

(٢) بوجه اعتباري، هو أن النقض مجرد عدم الحكم فقط مع وجود العلة، وأما فساد الوضع فلا بد أن يثبت ضد الحكم.