شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

(فصل)

صفحة 56 - الجزء 1

  وأفْهَمَ أنَّ العلم لا يطلق عليه الاعتقاد، وقد سبق في حده ما يخالفه، حيث قال: «كما اعتقده». وأنَّ اعتقاد الجاهل بدون⁣(⁣١) سكون النفس؛ لاضطرابه بمعارضة الشكوك. وذهب الجاحظ، والسيد حميدان، والإمام المنصور بالله⁣(⁣٢) # في الأساس إلى أنه قد يسكن خاطره بحيث لا يخطر بباله أن أحدا أعلم منه.

  (فإن طابق) ذلك ما في نفس الأمر (فصحيح) سواء كان عن نظر أو تقليد أو تبخيت، (وإلا) يطابق ذلك الاعتقاد ما في نفس الأمر (ففاسد) كذلك⁣(⁣٣)، (وهو) أي: الاعتقاد الفاسد (الجهل) المركب؛ لأنه جهل بما في الواقع مع الجهل بأنه جاهل. (وقد يطلق) أي: الجهل (على عدم العلم) بالشيء، وهو البسيط.

  والسهو - ويرادفه الذهول -: زوال الصورة الحاصلة للنفس عنها بحيث يتمكن من ملاحظتها من غير تجشم إدراك جديد؛ لكونها محفوظة في خزانتها.

  والنسيان: زوال الصورة عنها بحيث لا يتمكن من ملاحظتها إلا بتجشم إدراك جديد؛ لزوالها عن خزانتها.

  ولما فرغ من بيان الأحكام وتوابعها، والعلم وتوابعه - أخذ في بيان ما يفيدهما، فقال:

(فصل)

  هو لغة: الحاجز. وعرفا: اسم لجملة من مسائل الباب بينها مناسبة. ثم هو بالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا فصل، أو مبتدأ حذفت صفتُه - عند موجب التخصيص للنكرة - وخبرُه، أي: فصل معقود كائن في باقي الباب.

  قيل: ويجوز أن يقرأ بالنصب على أنه مفعول لمحذوف، وعدم رسم الألف - حينئذٍ - جارٍ على لغة من يقف على المنصوب المنون بالسكون، والله أعلم.


(١) خبر «أن».

(٢) القاسم بن محمد #.

(٣) أي: سواء كان عن نظر أو تقليد أو تبخيت.